تمهيد :
في البدء لا بد من الإشارة إلى أن البيئة التنافسية موصوفة بالعوامل ذات الصلة والمحددة بالمنظمة، وهنا نتفحّص الأبعاد الرئيسية للبيئة التنافسية، لتقييم جاذبية التنافس في الصناعة، مستخدمين نموذج القوى الخمس لجاذبية الصناعة، حيث أن حالة المنافسة في الصناعة تعكس تأثيراً في كيفية تطوير المنظمة للاستراتيجيات للحصول على أرباح مع الوقت. كما أن كيفية التنافس لمنظمة مع الأخرى ترتبط بشكل مباشر بالتفاعل بين خمسة قوى والتي طوّرت ابتداءً من قبل "مايكل بورتر" ، الذ يعد الأكثر واقعية وانتشاراً وشمولية لتقييم طبيعة البيئة التنافسية ووصف هيكل الصناعة، ويتضمن :1) تهديد الداخلين الجدد إلى الصناعة
2) القوة التفاوضية للعملاء/المشرتين
3) القوة التفاوضية للمجهزين/الموردين
4) كثافة المنافسة بين المنظمات في الصناعة الواحدة
5) احتمالية وجود البدائل للسلع أو الخدمات
أولاً : تهديد الّداخلين الجدد إلى الصناعة:
بالنظر في آلية دخول المنافس الجديد لمجال البنوك والخدمات المصرفية فإننا نجد أنه يعد من أكثر القطاعات صعوبةً، حيث تعمل متطلبات رأس المال على منع أو زيادة تردد الراغبين في دخول القطاع، إلى جانب الحواجز الأخرى كالحاجة للخبرة القانونية والمالية العالية والسمعة، والتشريعات الحكومية المالية التي تعمل كصعوبات وعوائق لدخول هذا القطاع.
وبالتركيز على خطر المنافسين بالنسبة لبنك قطر الوطني، فهو ضعيف، على الرغم من سعي العديد من البنوك الخليجية والعربية لدخول السوق القطري، إلا أن بنك قطر الوطني يعد في مأمن، حيث لا يتوقع أن يكون هناك توجه لدى مصرف قطر المركزي لمنح تراخيص جديدة لافتتاح فروع لبنوك من الخارج (1) ، إضافة إلى تصدّر بنك قطر الوطني للقطاع بصافي أرباح بلغت قيمتها 10,4مليار ريال في عام 2016(2)
كما تسمح تكاليف التحويل للبنوك القائمة بالحفاظ على عملائها، كما أكد باري (2010) "كلما كانت تكاليف التحويل أكبر، كلما كان من الصعب على الوافدين الجدد اكتساب عملاء أو مشاركين حاليين أرخص من أجل زيادة حصتها في السوق (3) [1]
وكما ذكر ويليامز ( 2013)، "إن البنوك الكبرى راسخة وفعالة في خدمة وسيطرة سوق ذات حجم محدود، وبالتالي فإن المنافسين المحتملين ليس لديهم حافز أو وسائل مالية كافية للتنافس على قدم المساواة لأنه سيؤدي إلى عوائد ضعيفة لجميع الأطراف الفاعلة".(4) فقد يواجه الداخلون الجدد مشكلة في اقتصاديات التعلم حيث يحتاجون إلى أوقات وموارد للتعرف على اتجاه السوق وعملائه.
وإلى جانب ذلك، أدى تمايز الخدمات لبنك قطر الوطني إلى رفع العوائق للداخلين الجدد، حيث العديد من الفروقات المدركة الخاصة بخدمات بنك قطر الوطني تعد فريدة من نوعها وتخدم البنك في حفاظه على ولاء عملائه مما يعزز موانع الدخول حيث كلفة السيطرة هنا على تفضيلات العملاء وولائه قد تكون عالية جداً للداخلين الجدد. كما يعكس الاسم التجاري لبنك قطر الوطني تصوراً ذا قيمة أعلى حيث الخدمة الممتازة والضمان والشعور التام بالاعتماد والثقة، مما يضع الداخلين الجدد أمام صعوبة معروفة في بناء الاسم التجاري وصرف موارد كبيرة ولفترة طويلة لإقناع العميل بالتخلي عن بنك قطر الوطني، وما يؤكد ذلك فوزه بجائزة أفضل بنك في قطر لعام 2017، كما تصدر بنك قطر الوطني قائمة أفضل المصارف في الشرق الأوسط، والتي تصدرها مجلة "ذابانكر" المتخصصة في الشؤون المصرفية، كما تبوء البنك المرتبة الثانية والثمانين، ضمن ألف بنك في العالم. (5)
ثانياً: القوة التفاوضيّة للعملاء
من المعلوم أن عملاء البنك هم الأفراد والأسر فيما يخص الخدمات المصرفية، ومنشآت الأعمال فيما يخص قروض الأعمال التجارية. ويعد العملاء القوة الرئيسية المؤثرة على مدى ربح وخسارة المنشأة وهم الرصيد الفعلي للبنك، كما يعكسون بعض الضغط على المنشأة لضمان خدمات أفضل أو أسعار أقل، وفي حال عدم توفر المعرفة لدى العميل بنوعية ومكانة الخدمات المقدمة، يسهل على البنك إقناع المشتري أو العميل بدفع أسعار عالية لخدمات قد لا تكون متميزة على الخدمات المماثلة التي يوفرها المنافسين، وبالحديث عن بنك قطر الوطني، نجد أن معظم الأفراد لديهم إطلاع ودراية بما البدائل الموجودة، نظراً لارتفاع الثقافة المالية والوعي الاقتصادي في ظل ارتفاع مستوى التعليم وتزايد الحملات والأنشطة المعنية برفع المستوى الثقافي لدى الشعب في قطر، مما يعني أن الغالبية العظمى من العملاء ذو معرفة بالبدائل المتوفرة في السوق، ولديهم القدرة على المساومة للوصول إلى المنتجات البديلة من البنوك والمصارف الأخرى، وهذه السلطة تجعل البنوك التقليدية تتنافس من حيث السعر لجذب المزيد من الزبائن. إلا أن السعر ليس المشكلة الوحيدة، حيث يتجه العديد من العملاء -بحكم الثقافة الدينية- إلى البنوك الإسلامية، والذي أدى بدوره لمسارعة بنك قطر الوطني لفتح قسم للمعاملات المصرفية الإسلامية والذي يعد أول فرع إسلامي لبنك تجاري في قطر (6) تماشياً مع رغبات العديد من العملاء، حيث كان النشاط الإسلامي في البنوك التقليدية يتراوح بين 10% إلى 15%، إلا أنه بعد قرار 2015 للجهاز المصرفي بغلق الفروع الإسلامية من البنوك التقليدية، استفادت البنوك الإسلامية من القرار حيث تم تحويل حوالي 90% من الحسابات إليها، لأن عميل الفروع الإسلامية يتجه مباشرة إلى البنك الإسلامي (7)
وعموماً، فإن المحافظة على رضا العملاء أمر مكلف، حيث يستطيعون تغيير المصرف أو البنك في حال عدم الرضا عن الخدمات أو المنتجات المقدمة. وبالتالي فإن قوة العملاء تمثل تهديداً لبنك قطر الوطني.
ثالثاً: قوة مساومة الموردين
الموردين الأساسيون للبنوك بشكل عام هم العملاء (المودعون)، الخدمات القانونية، الخدمات المحاسبية، إضافة إلى السوق المالي ومقدّمي رؤوس الأموال، حيث تقدم الكيانات القانونية الخدمات القانونية من حيث العقود المتعلقة بالعملاء، والمسائل القانونية الأخرى، في حين توفر الشركات المحاسبية خدمات المحاسبة المعنية بإعداد البيانات المالية ومراجعة الحسابات والضرائب وغيرها من المسائل المحاسبية. وبما أن تكوين التمويل يختلف من بنك لآخر، فإن البنوك الكبرى تجمع الأموال من خلال ودائع العملاء والديون طويلة الأجل. إلى جانب التمويل الخارجي.
وبعد الأزمة المالية العالمية، أصبحت الودائع مصدراً شائعاً لتمويل جميع المصارف، مما خلق ضغطاً تنفسياً في الأسعار بين البنوك، وكما يعلم فإنه يحق للمودعين اختيار الإيداع لدى البنوك التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة.
ويؤدي ارتفاع تكلفة التمويل إلى انخفاض صافي هامش الفائدة الذي يفرض تهديد على جميع المصارف.
وكمثال آخر، فإن تهديد الموردين جرّاء الأزمة السياسية مؤخراً في ظل حصار قطر، أدى إلى التدخل والتضييق على كثير من العملاء من خلال السياسات المفروضة التي على البنك اتباعها جرّاء الأزمة، مما قد يمثل تهديداً آخر على البنوك. إضافة إلى أن الأزمة المذكورة آلت إلى تسابق البنوك ومنها بنك قطر الوطني إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع وإن كان قد صرّح بأنه "لا يرى أي زيادة "كبيرة" في أسعار الفائدة منذ بدء الأزمة"(8) .
حقيقةً، سهولة الوصول إلى البنك عامل مهم جداً تجعل العميل يقرر إذا ما كان يريد الإيداع، فيفضل العديد من العملاء الإيداع في البنوك القريبة منهم والأكثر موثوقية بالنسبة لهم، وقد خلقت هذه القوة تكلفة لجميع البنوك لبناء فروع وبناء مصداقية بينها وبين عملائها، وبما أن الموردين لا يتركزون، فإن قوة المورد لها تهديد متوسط لربحية بنك قطر الوطني.
ومن الجدير بالذكر في هذه النقطة، أن بنك قطر الوطني تتواجد مجموعته (QNB) من خلال فروعها وشركاتها التابعة والزميلة في أكثر من 31 بلداً وثلاث قارات حول العالم، حيث تقدم أحدث الخدمات المصرفية لعملائها عبر 1230 فرعا ومكتبا تمثيليا و 4200 جهاز صراف آلي، ويعمل لديها ما يزيد عن 27 ألفا و900 موظف. (9)
رابعاً: طبيعة المنافسة في الصناعة:
من المعروف أن كثافة المنافسة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الربحية، فكلما كانت الصناعة عالية المنافسة كانت الصناعة أقل جاذبية، ومن خلال تحليل وضع المنافسة بين بنك قطر الوطني ونظرائه، نجد أن هناك منافسة قوية بين بنك قطر الوطني والبنوك الأخرى، أو بين البنوك التجارية التقليدية والبنوك الإسلامية بشكل أعم، حيث يظهر ذلك جلياً من خلال المسارعة في تقديم الإجراءات المرنة والتسهيلات المنوعة والخدمات الإلكترونية لتوسعة قاعدة العملاء وكسب ودهم وثقتهم ، ومع أن هناك العديد من البنوك التي تقدم قروض بسعر فائدة أقل، وتقدم خدمات التأمين على القروض ومدة سماحها تعد أطول من QNB، إلا أن QNB يبقى في المركز الأول من حيث استحواذه على النسبة الأكبر من السوق، وذلك يرجع لسيولة بنك قطر الوطني، مما يعني أن لديه قدرة أكبر على إقراض العميل بنسبة فائدة أقل وبالتالي ترتفع نسب فوائدها على العمل. ومن المعلوم أن موجودات البنوك في قطر بلغت حوالي 1110 تريليون ريال وذلك حتى نهاية مارس 2016، منها 50 % لبنك قطر الوطني.(10) وبشكل عام فيما يخص المنافسة في هذه الصناعة، فإن البنوك الإسلامية هي الأوفر حظا حاليا من البنوك التقليدية، بدليل النتائج المالية للربع الثالث، وباستثناء بنك قطر الوطني، فالبنوك التقليدية الأخرى نتائجها ليست بذات القوة للبنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وبما أن بنك قطر الوطني من المؤسسات المالية التي تمتلك سيولة متوفرة، فهو يلعب دورا بارزا ومهما في التمويل للمشروعات الحالية والمستقبلية وذلك يعد من نقاط التمايز التي تخدمه في منافسته، حيث تعد تلك النقطة من عوامل جذب المستثمرين والعملاء.
خامساً: تهديد البدائل:
· قائمة المراجع :
· القبيسي، فاضل حمد، الإدارة الاستراتيجية نظريات مداخل أمثلة وقضايا معاصرة، عمان، دار الصفاء للنشر والتوزيع، 2012
· السكارنه، بلال خلف، الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي، عمان ، دار المسيرة، 2015
***
1) "بنوك خليجية وأجنبية تسعى لدخول السوق القطري " جريدة الشرق، 15 إبريل2015
2) 12،4 مليار ريال أرباح بنك قطر الوطني في 2016 " ، جريدة العرب، 15 يناير 2017
3) Barry, A. (2010). Switching costs hinder bank competition: NAB. Retrieved 10 December 2018, from http://www.abc.net.au/news/2010-12-07/switching-costshinder-bank-competition-nab/2366254
4) Williams, M. (2013). Major banks enjoy structural advantage. From http://www.australianbankingfinance.com/banking/major-banks-enjoystructural-advantage/
5) بنك قطر الوطني يتصدر قائمة أفضل المصارف في الشرق الأوسط، جريدة العرب، 10 أغسطس 2017
6) "بنك قطر الوطني يفتتح فرعاً للمعاملات الإسلامية" ، الجزيرة نت ، 22 يونيو 2006 ، http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2005/6/22/%D8%A8%D9%86%D9%83-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%AD-%D9%81%D8%B1%D8%B9%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
7) الجهاز المصرفي يغلق صفحة الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية" جريدة الشرق، 5 يونيو 2015
8) بلومبرغ: البنوك القطرية ترفع أسعار الفائدة على الودائع بالدولار
https://arabic.sputniknews.com/business/201706141024575603-%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%BA-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1/
9) "قطر الوطني" تفوز بجائزتين من مجلة غلوبال إنفستور" ، جريدة الشرق، 15 نوفمبر 2017
10) عملاء بنوك يتسرون بحثاً عن خدمة أفضل" جريدة الوطن القطرية، 24 أكتوبر 2016
11) «QNB»" أفضل بنك في قطر من حيث تجربة العملاء الإجمالية"، جريدة العرب، 12 ديسمبر 2015
سلام اريد معلومات على مزيج التسويقي لبنك
ردحذف