0

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمن سأل عن طريقتي في التخطيط وضعت تفصيلاً هنا، أتمنى أن يفيد، وأرجو في نفس الوقت أن لا يحرمني القارئ من أي اقتراحات وتحسينات أو حتى عيوب وجدها في طريقتي، فنفيد ونستفيد ! ↓


في البداية أضع الجوانب التي أود الإنجاز فيها بشكل عام :

- تحسين في الجانب الدراسي
- تحسين في الجانب الديني
 - تحسين في الجانب العلمي (ثقافية- مهارتية)
- تحسين في الجانب الأسري
- تحسين في الجانب الاجتماعي
- تحسين في الجانب الصحي

الخطوة الأولى: 

 بداية كل عام أقوم بتجهيز تقويم وطباعته (لتجنب نسيان أي مهمة)، وهذا ما قمت بتجهيزه صباحاً للعام الجديد بإمكانكم تنزيله من الروابط التالية أو تخصيص تقويمك من ذات الموقع الذي قمت بتجهيز التقويم من خلاله أو اختيار أي قالب آخر من هنا ..

التقويم الشهري 2018
التقويم الأسبوعي 2018
 التقويم اليومي 2018


الخطوة الثانية:

 أقوم بتحديد ما الأمور التي يمكن القيام بها في كل جانب، وتحديد علامة:

 (ملازمة) (محاولة) (معاقبة) .. 

الأمور الملازمة (الإجبارية) أجبر نفسي على القيام بها مهما كان لأنها في الغالب أمور ضرورية وبسيطة في نفس الوقت، (محاولة) للأمور الجديدة بالنسبة لي أو الصعبة، (معاقبة) في حين تركت أمور إجبارية أكثر من مرة .. 

* على سبيل المثال :

#الجانب الديني : 

أذكار الصباح والمساء والذكر والسنن الرواتب =  أمور يسيرة (لابد أن تكون ملازمة لي/إجبارية)
ثم ماذا يمكن إضافته في هذا الجانب؟
- حفظ قرآن؟ نضع في البداية صفحة (إجباري)
إن تم التحسن، ننتقل إلى صفحتين (محاولة) ثم تتحول إلى (صفحتين إجباري) أي بعد الإلتزام عدة أيام يتحول الأمر الصعب إلى يسير وبهذا من مجرد محاولة إلى أمر إجباري ونزيد الكمية..
وينطبق على باق الأمور كصلاة الضحى، قيام الليل، صدقة، وكل ما تريد تحسينه.. إلخ...

ثم أضع الجوانب السلبية أو نقاط الضعف في هذا الجانب :

- عدم خشوع
-الغضب
- ممنوع الكذب
-ممنوع الغل
- ممنوع الغيبة

فإذا مر اليوم كاملاً مثلاً بدون غيبة (علامة صح) أما إذا تكرر الخطأ أضع عقوبة من نفس نوع الهدف، فلو كان الموضوع ديني العقوبة صلاة إضافية، صدقة إضافية استغفار لمن اغتبته أو شعرت بغل تجاهه إلخ.. وينطبق على الأمور الأخرى، فلو كان إجباري قراءة عشر صفحات من كتاب اليوم، أقوم اليوم التالي بمضاعفة الكمية كعقوبة وهكذا يكون العقاب من صنف الهدف الذي تم الإخلال أو عدم الإلتزام به.

#في الجانب العلمي :

1) أضع مبدئياً تحدي الكتب ع الجوديردز
( مشكلتي أن تحدي الكتب يناسب من يجبر نفسه على القراءة لاكتسابها كعادة، أما أنا في مرحلة أريد أن أجبر نفسي على نوعية القراءة، ومن مجرد قراءة ثقافية إلى قراءة تخصصية [نعمل على هذا حالياً من ضمن خطط العام الجديد] )

غالباً أقّسم القراءة لأنواع ضمن الخطط اليومية والشهرية :

- قراءة في المهارة الشهرية : أحاول اكتساب مهارة معينة من خلال قراءة أكبر عدد ممكن في المجال خلال شهر واحد، (على سبيل المثال : الخط العربي، فن تقديم الأطباق، المساج والريفلكسولوجي، الإسعافات الأولية، الإتيكيت، البحث العلمي.... أو أي اهتمامات أخرى أود تعلمها)

- قراءة عامة : قراءة غير مخطط لها، لأني أعرف أني أقرأ كل ما يقع في يدي وأحيد عن المخطط :)

- قراءة في مجلد الشهر : لأن قراءة المجلدات تستغرق وقتاً أضع شهر كامل لقراءة مجلد مخطط لقراءته مسبقاً..

2) أضع خطة للانخراط في دورة أو ورشة ( العام الماضي كان أكاديمية تفسير) ثم التحقت بصناعة المحاور ومساق ومعهد الآفاق) وللأمانة للأمر إيجابيات (منفعة متعددة ومكملة لبعضها) وسلبيات (كثرة التشويش !!!!)
لذا إحدى القرارات لهذا العام:

 (التزم بأمر واحد حتى النهاية والتعمق فيه مهما بدت الأمور الأخرى جذابة!) :)



- أما في الجانب الصحي فلا خطط لدي سوى شرب ماء أكثر، النوم المبكّر، وأحاول الإلتزام أكثر بمواضيع الفتيات من اهتمام بالبشرة وغيرها :)

- الجانب الاجتماعي = صفر :)
- الجانب الدراسي = صفر :)
 [ إن كان لديكم خطط لا تبخلوا لها علينا سواء هنا ف التعليقات أو ع حساب صراحة].

- الجانب الأسري : 
أحاول تحسين علاقتي بوالدي، من خلال وضع خطة كل شهر على تقديم شيء لهما، ولا أعني بذلك الهدايا، وإنما باستقطاع شيء من الوقت لخدمة جديدة، كمثال: والدتي تعمل على ملازمة أخوتي لحل واجباتهم، فأتفرغ لتدريسهم بالنيابة، أعرض عليها كتابة ملخصات أو حل دروس او القيام ببحث (بما أنها طالبة علم) وهكذا ..

إخوتي الصغار مثلاً أعمارنا متباعدة جداً ، لذا أضع في الخطة شهرياً نزهة أصحبهم فيها للألعاب، ثم يوم نذهب سنوياً للبقالة ومنحهم حرية شراء ما يريدون في مالا يزيد عن مبلغ معين تخصيص يوم للقيام بمسرحية أو مسابقات ...إلخ منها يتم تقريب الروابط بيننا ومنها يسمح لي التقارب بغرس قيم تربوية فيهم..

الخطوة الثالثة:


 لدي ملف إكسل ( للتنزيل) أضع فيه جميع الأهداف اليومية وأقوم بالمتابعة يومياً خلال اليوم أو قبل النوم بوضع (نعم-لا) لم تم وما لم يتم الإلتزام به وتحديد بالألوان لما ذكرته مسبقاً عن ( ملازمة، محاولة، معاقبة) ، ثم مراقبة التحسين/التدهور نهاية الأسبوع، ونهاية الشهر أقوم أحياناً بحذف أو إضافة أشياء جديدة حسب الظروف، أو حتى تقليل الكمية..



ختاماً: نصيحتي التقليل من الكميات قدر الإمكان والإكثار من الأهداف قدر الإمكان (التنويع)

***
وبعد هذا كله لا نلتزم :)

تطبيق عملي لنموذج بورتر على بنك قطر الوطني

1




تمهيد :

في البدء لا بد من الإشارة إلى أن البيئة التنافسية موصوفة بالعوامل ذات الصلة والمحددة بالمنظمة، وهنا نتفحّص الأبعاد الرئيسية للبيئة التنافسية، لتقييم جاذبية التنافس في الصناعة، مستخدمين نموذج القوى الخمس لجاذبية الصناعة، حيث أن حالة المنافسة في الصناعة تعكس تأثيراً في كيفية تطوير المنظمة للاستراتيجيات للحصول على أرباح مع الوقت. كما أن كيفية التنافس لمنظمة مع الأخرى ترتبط بشكل مباشر بالتفاعل بين خمسة قوى والتي طوّرت ابتداءً من قبل "مايكل بورتر" ، الذ يعد الأكثر واقعية وانتشاراً وشمولية لتقييم طبيعة البيئة التنافسية ووصف هيكل الصناعة، ويتضمن :

1) تهديد الداخلين الجدد إلى الصناعة

2) القوة التفاوضية للعملاء/المشرتين

3) القوة التفاوضية للمجهزين/الموردين

4) كثافة المنافسة بين المنظمات في الصناعة الواحدة

5) احتمالية وجود البدائل للسلع أو الخدمات


أولاً : تهديد الّداخلين الجدد إلى الصناعة:


بالنظر في آلية دخول المنافس الجديد لمجال البنوك والخدمات المصرفية فإننا نجد أنه يعد من أكثر القطاعات صعوبةً، حيث تعمل متطلبات رأس المال على منع أو زيادة تردد الراغبين في دخول القطاع، إلى جانب الحواجز الأخرى كالحاجة للخبرة القانونية والمالية العالية والسمعة، والتشريعات الحكومية المالية التي تعمل كصعوبات وعوائق لدخول هذا القطاع.

وبالتركيز على خطر المنافسين بالنسبة لبنك قطر الوطني، فهو ضعيف، على الرغم من سعي العديد من البنوك الخليجية والعربية لدخول السوق القطري، إلا أن بنك قطر الوطني يعد في مأمن، حيث لا يتوقع أن يكون هناك توجه لدى مصرف قطر المركزي لمنح تراخيص جديدة لافتتاح فروع لبنوك من الخارج (1) ، إضافة إلى تصدّر بنك قطر الوطني للقطاع بصافي أرباح بلغت قيمتها 10,4مليار ريال في عام 2016(2)

كما تسمح تكاليف التحويل للبنوك القائمة بالحفاظ على عملائها، كما أكد باري (2010) "كلما كانت تكاليف التحويل أكبر، كلما كان من الصعب على الوافدين الجدد اكتساب عملاء أو مشاركين حاليين أرخص من أجل زيادة حصتها في السوق (3) [1]

وكما ذكر ويليامز ( 2013)، "إن البنوك الكبرى راسخة وفعالة في خدمة وسيطرة سوق ذات حجم محدود، وبالتالي فإن المنافسين المحتملين ليس لديهم حافز أو وسائل مالية كافية للتنافس على قدم المساواة لأنه سيؤدي إلى عوائد ضعيفة لجميع الأطراف الفاعلة".(4) فقد يواجه الداخلون الجدد مشكلة في اقتصاديات التعلم حيث يحتاجون إلى أوقات وموارد للتعرف على اتجاه السوق وعملائه.

وإلى جانب ذلك، أدى تمايز الخدمات لبنك قطر الوطني إلى رفع العوائق للداخلين الجدد، حيث العديد من الفروقات المدركة الخاصة بخدمات بنك قطر الوطني تعد فريدة من نوعها وتخدم البنك في حفاظه على ولاء عملائه مما يعزز موانع الدخول حيث كلفة السيطرة هنا على تفضيلات العملاء وولائه قد تكون عالية جداً للداخلين الجدد. كما يعكس الاسم التجاري لبنك قطر الوطني تصوراً ذا قيمة أعلى حيث الخدمة الممتازة والضمان والشعور التام بالاعتماد والثقة، مما يضع الداخلين الجدد أمام صعوبة معروفة في بناء الاسم التجاري وصرف موارد كبيرة ولفترة طويلة لإقناع العميل بالتخلي عن بنك قطر الوطني، وما يؤكد ذلك فوزه بجائزة أفضل بنك في قطر لعام 2017، كما تصدر بنك قطر الوطني قائمة أفضل المصارف في الشرق الأوسط، والتي تصدرها مجلة "ذابانكر" المتخصصة في الشؤون المصرفية، كما تبوء البنك المرتبة الثانية والثمانين، ضمن ألف بنك في العالم. (5)

ثانياً: القوة التفاوضيّة للعملاء


من المعلوم أن عملاء البنك هم الأفراد والأسر فيما يخص الخدمات المصرفية، ومنشآت الأعمال فيما يخص قروض الأعمال التجارية. ويعد العملاء القوة الرئيسية المؤثرة على مدى ربح وخسارة المنشأة وهم الرصيد الفعلي للبنك، كما يعكسون بعض الضغط على المنشأة لضمان خدمات أفضل أو أسعار أقل، وفي حال عدم توفر المعرفة لدى العميل بنوعية ومكانة الخدمات المقدمة، يسهل على البنك إقناع المشتري أو العميل بدفع أسعار عالية لخدمات قد لا تكون متميزة على الخدمات المماثلة التي يوفرها المنافسين، وبالحديث عن بنك قطر الوطني، نجد أن معظم الأفراد لديهم إطلاع ودراية بما البدائل الموجودة، نظراً لارتفاع الثقافة المالية والوعي الاقتصادي في ظل ارتفاع مستوى التعليم وتزايد الحملات والأنشطة المعنية برفع المستوى الثقافي لدى الشعب في قطر، مما يعني أن الغالبية العظمى من العملاء ذو معرفة بالبدائل المتوفرة في السوق، ولديهم القدرة على المساومة للوصول إلى المنتجات البديلة من البنوك والمصارف الأخرى، وهذه السلطة تجعل البنوك التقليدية تتنافس من حيث السعر لجذب المزيد من الزبائن. إلا أن السعر ليس المشكلة الوحيدة، حيث يتجه العديد من العملاء -بحكم الثقافة الدينية- إلى البنوك الإسلامية، والذي أدى بدوره لمسارعة بنك قطر الوطني لفتح قسم للمعاملات المصرفية الإسلامية والذي يعد أول فرع إسلامي لبنك تجاري في قطر (6) تماشياً مع رغبات العديد من العملاء، حيث كان النشاط الإسلامي في البنوك التقليدية يتراوح بين 10% إلى 15%، إلا أنه بعد قرار 2015 للجهاز المصرفي بغلق الفروع الإسلامية من البنوك التقليدية، استفادت البنوك الإسلامية من القرار حيث تم تحويل حوالي 90% من الحسابات إليها، لأن عميل الفروع الإسلامية يتجه مباشرة إلى البنك الإسلامي (7)

وعموماً، فإن المحافظة على رضا العملاء أمر مكلف، حيث يستطيعون تغيير المصرف أو البنك في حال عدم الرضا عن الخدمات أو المنتجات المقدمة. وبالتالي فإن قوة العملاء تمثل تهديداً لبنك قطر الوطني.

ثالثاً: قوة مساومة الموردين


الموردين الأساسيون للبنوك بشكل عام هم العملاء (المودعون)، الخدمات القانونية، الخدمات المحاسبية، إضافة إلى السوق المالي ومقدّمي رؤوس الأموال، حيث تقدم الكيانات القانونية الخدمات القانونية من حيث العقود المتعلقة بالعملاء، والمسائل القانونية الأخرى، في حين توفر الشركات المحاسبية خدمات المحاسبة المعنية بإعداد البيانات المالية ومراجعة الحسابات والضرائب وغيرها من المسائل المحاسبية. وبما أن تكوين التمويل يختلف من بنك لآخر، فإن البنوك الكبرى تجمع الأموال من خلال ودائع العملاء والديون طويلة الأجل. إلى جانب التمويل الخارجي.

وبعد الأزمة المالية العالمية، أصبحت الودائع مصدراً شائعاً لتمويل جميع المصارف، مما خلق ضغطاً تنفسياً في الأسعار بين البنوك، وكما يعلم فإنه يحق للمودعين اختيار الإيداع لدى البنوك التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة.

ويؤدي ارتفاع تكلفة التمويل إلى انخفاض صافي هامش الفائدة الذي يفرض تهديد على جميع المصارف.

وكمثال آخر، فإن تهديد الموردين جرّاء الأزمة السياسية مؤخراً في ظل حصار قطر، أدى إلى التدخل والتضييق على كثير من العملاء من خلال السياسات المفروضة التي على البنك اتباعها جرّاء الأزمة، مما قد يمثل تهديداً آخر على البنوك. إضافة إلى أن الأزمة المذكورة آلت إلى تسابق البنوك ومنها بنك قطر الوطني إلى رفع أسعار الفائدة على الودائع وإن كان قد صرّح بأنه "لا يرى أي زيادة "كبيرة" في أسعار الفائدة منذ بدء الأزمة"(8) .

حقيقةً، سهولة الوصول إلى البنك عامل مهم جداً تجعل العميل يقرر إذا ما كان يريد الإيداع، فيفضل العديد من العملاء الإيداع في البنوك القريبة منهم والأكثر موثوقية بالنسبة لهم، وقد خلقت هذه القوة تكلفة لجميع البنوك لبناء فروع وبناء مصداقية بينها وبين عملائها، وبما أن الموردين لا يتركزون، فإن قوة المورد لها تهديد متوسط لربحية بنك قطر الوطني.

ومن الجدير بالذكر في هذه النقطة، أن بنك قطر الوطني تتواجد مجموعته (QNB) من خلال فروعها وشركاتها التابعة والزميلة في أكثر من 31 بلداً وثلاث قارات حول العالم، حيث تقدم أحدث الخدمات المصرفية لعملائها عبر 1230 فرعا ومكتبا تمثيليا و 4200 جهاز صراف آلي، ويعمل لديها ما يزيد عن 27 ألفا و900 موظف. (9)


رابعاً: طبيعة المنافسة في الصناعة:


من المعروف أن كثافة المنافسة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الربحية، فكلما كانت الصناعة عالية المنافسة كانت الصناعة أقل جاذبية، ومن خلال تحليل وضع المنافسة بين بنك قطر الوطني ونظرائه، نجد أن هناك منافسة قوية بين بنك قطر الوطني والبنوك الأخرى، أو بين البنوك التجارية التقليدية والبنوك الإسلامية بشكل أعم، حيث يظهر ذلك جلياً من خلال المسارعة في تقديم الإجراءات المرنة والتسهيلات المنوعة والخدمات الإلكترونية لتوسعة قاعدة العملاء وكسب ودهم وثقتهم ، ومع أن هناك العديد من البنوك التي تقدم قروض بسعر فائدة أقل، وتقدم خدمات التأمين على القروض ومدة سماحها تعد أطول من QNB، إلا أن QNB يبقى في المركز الأول من حيث استحواذه على النسبة الأكبر من السوق، وذلك يرجع لسيولة بنك قطر الوطني، مما يعني أن لديه قدرة أكبر على إقراض العميل بنسبة فائدة أقل وبالتالي ترتفع نسب فوائدها على العمل. ومن المعلوم أن موجودات البنوك في قطر بلغت حوالي 1110 تريليون ريال وذلك حتى نهاية مارس 2016، منها 50 % لبنك قطر الوطني.(10) وبشكل عام فيما يخص المنافسة في هذه الصناعة، فإن البنوك الإسلامية هي الأوفر حظا حاليا من البنوك التقليدية، بدليل النتائج المالية للربع الثالث، وباستثناء بنك قطر الوطني، فالبنوك التقليدية الأخرى نتائجها ليست بذات القوة للبنوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وبما أن بنك قطر الوطني من المؤسسات المالية التي تمتلك سيولة متوفرة، فهو يلعب دورا بارزا ومهما في التمويل للمشروعات الحالية والمستقبلية وذلك يعد من نقاط التمايز التي تخدمه في منافسته، حيث تعد تلك النقطة من عوامل جذب المستثمرين والعملاء.

خامساً: تهديد البدائل: 


تعد وفرة البدائل من البنوك بمثابة القوة الأخرى التي تؤثر في ربحية بنك قطر الوطني، كما أن بعض الوظائف أو الخدمات الحالية لبنك قطر الوطني قد يكون لها العديد من البدائل المتنامية التي قد تؤدي بعض الوظائف الأساسية للخدمات بكلف أقل أو أفضل،، على سبيل المثال : المصارف العقارية وشركات التأمين وشركات الأسهم واحتياطات البنوك الأخرى كلها تمثل طرائق بديلة لاستثمار الأموال، مما يهدد ربحية البنك في هذا المجال، وبالتالي يتوجب عليه القيام بالوظائف القائمة بكلفة أقل أو بشكل أفضل، حيث يبحث العملاء عن البنك الذي يقدم نسبة فوائد منخفضة ونسبة أعلى على الودائع، كما يتجهون نحو البدائل التي تتميز بانخفاض القيود وسهولة الإجراءات سواء في القروض أو غيرها، ومما سبق نجد تسابق بنك قطر الوطني على تقديم أفضل الخدمات طالما هو لا يقدم أقّلها سعراً لإبعاد التأثير السلبي على ربحيّته جرّاء تهديد البدائل الأخرى. ويدللّ ذلك حصوله على جائزة" أفضل بنك في قطر من حيث تجربة العملاء الإجمالية" المرموقة من شركة إيثوس للحلول المتكاملة، وتعكس هذه الجائزة المرموقة التزام QNB بتقديم أعلى مستويات الخدمة لعملائه وجهوده المستمرة في إيجاد طرق جديدة ومبتكرة وخلّاقة ومقنعة للتعامل مع العملاء بشكل سريع وفعّال (11)

· قائمة المراجع :


· القبيسي، فاضل حمد، الإدارة الاستراتيجية نظريات مداخل أمثلة وقضايا معاصرة، عمان، دار الصفاء للنشر والتوزيع، 2012

· السكارنه، بلال خلف، الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي، عمان ، دار المسيرة، 2015

***
1) "بنوك خليجية وأجنبية تسعى لدخول السوق القطري " جريدة الشرق، 15 إبريل2015

2) 12،4 مليار ريال أرباح بنك قطر الوطني في 2016 " ، جريدة العرب، 15 يناير 2017

3) Barry, A. (2010). Switching costs hinder bank competition: NAB. Retrieved 10 December 2018, from http://www.abc.net.au/news/2010-12-07/switching-costshinder-bank-competition-nab/2366254

4) Williams, M. (2013). Major banks enjoy structural advantage. From http://www.australianbankingfinance.com/banking/major-banks-enjoystructural-advantage/


5) بنك قطر الوطني يتصدر قائمة أفضل المصارف في الشرق الأوسط، جريدة العرب، 10 أغسطس 2017

6) "بنك قطر الوطني يفتتح فرعاً للمعاملات الإسلامية" ، الجزيرة نت ، 22 يونيو 2006 ، http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2005/6/22/%D8%A8%D9%86%D9%83-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%AD-%D9%81%D8%B1%D8%B9%D8%A7-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9


7) الجهاز المصرفي يغلق صفحة الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية" جريدة الشرق، 5 يونيو 2015
8) بلومبرغ: البنوك القطرية ترفع أسعار الفائدة على الودائع بالدولار

https://arabic.sputniknews.com/business/201706141024575603-%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%BA-%D9%82%D8%B7%D8%B1-%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B9-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1/

9) "قطر الوطني" تفوز بجائزتين من مجلة غلوبال إنفستور" ، جريدة الشرق، 15 نوفمبر 2017

10) عملاء بنوك يتسرون بحثاً عن خدمة أفضل" جريدة الوطن القطرية، 24 أكتوبر 2016

11) «QNB»" أفضل بنك في قطر من حيث تجربة العملاء الإجمالية"، جريدة العرب، 12 ديسمبر 2015




ثقافة البرودكاست

0

بعد تأملٍ في ماهيّة مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي، بأنواعها، أجد أنّها أقرب إلى أن تكون مضخة "برودكاست" قصير عشوائي بمعنى حيناً وبلا معنى أحياناً، سواء كان هذا البرودكاست صوريّاً أو نصاً مكتوباً كما في الأكثر منها،  أو حتى بضع رموزٍ تعبيرية تقوم بدورها بإيصال رسالة مبطنة. 

قضية الوقت المُستهلك على هذهِ المواقع والتطبيقات قضية قديمة، عادت بي إلى مايزيد عن خمس سنوات  عندما كانت تمتلئُ الصحف بمقالات عن "الإدمان" للشابكة ووليداتها من هذه المواقع والبرامج والتطبيقات، وكذلك الفقرات الصباحية على القنوات الإخبارية التي تسرد إحصائياتٍ عن حالات الإدمان والساعات الضائعة فيها وعليها وما يتبعها من أضرار ومخاطر..
أما يومنا هذا فلم يعد يتحدث أحد عن الإدمان، لأن الكل مدمن ببساطة! :)  فالوضع المجتمعي السليم يفرض بك أن تكون بجوار هاتفك 7/24 وأن تلفتَ للجديد من إشعارات، وأن تكون على دراية بكل جديدٍ على الساحتين السياسية والمجتمعية وحتى التقنيّة.

أتذكّر عام 2007 عندما أعلن ستيف جوبز عن أول هاتف ذكي، الهاتف الذي بعد ولادتهِ نشأت سلالة جديدة من الهواتف الموسومة "بالذكاء" وانقرض ماعداها، وتكاثرت جينات التطبيقات والتي أعقبت نقلة جذرية في الحياة البشرية على كافة أصعدتها.

لحظة، هل تذكر كيف كنا نعيش قبل 2007؟هل تذكر متى ظهر الواتس أب؟ وأشقاؤه التليقرام والمانجو؟ . . بنترست؟ قوقل بلس؟ المضخّات الصورية - انستقرام وسناب شات؟هل تذكر متى أول مرّة حجزت معرّفاً لك في تويتر؟ وهل تُلاحظ كيف تغير العصفور الأزرق خلال كل هذهِ الأعوام؟ والأهم، كيف تغيرنا نحن؟!

 ألم نكن نحيا حياة طبيعية؟ القصة بما فيها أن غلبة التأثير الجماهيري تؤثر علينا بشكل أو بآخر.

وعموماً، ليس هذا إلا استرسالاً ساح عنده قلمي لما أردت جعله مقدمةً، فالمعضلة الحالية هي خداع النفس بإلباس "البرودكاست" ثوب التّثقيف والعلم، وإيهام الذات بالفوائد المجنيّة على حساب الأضرار الواقعة لا محالة.
وإن كنت لا أنكر أن لها دوراً إيجابيّاً في موضوع التعليم وبناء الثقافة، إلا أنها تظل أشبه بفقاعة، خدعة كبيرة يقع فيها الناهمين للعلم السريع.

خذ على سبيل المثال، إذا كنت تتابع عدداً منوّعاً في أقلّه 100، وجميعهم ذوو علم - في أفضل الأحوال-، [وبهذا أكون قد نحيّت جانباً نقطة "البلاهة المكتسبة" و"الآثام الواردة" من قائمة الآثار السلبية، كما سأتجنب الخوض في موضوع المخالفات "الاجتماعية" والدينية"]، . . وبمعدل تغريدة " أو برودكاست " واحد فقط لكل حساب، أي 100 مختزلة في 140 حرفاً  -وهذا أقصرها :) ..
يا ترى . .  هل تقرؤها جميعها؟ هل يتاح لك الوقت لتستوعبها وتقلّبها، لا لتمررها على عينيك أو عقلك؟ لتتفحصّها وتمحصّها و تتأكد من صحتها ومصادرها؟

وإذا ما التفتنا لمُخرجات حياتنا الضائعة بين ضفافها، يتشكل حينها أمامنا حجم الخدعة التي نعيشها.

ما إن يرتدّ إليك طرفُك حتى تجد إصبعك تتحرك لتمرير الصفحة إلى أسفل استقبالاً لتدفق "برودكاست جديد"، وإن افترضنا جدلاً قيمةً لها، فإن التعبئة السريعة والزائدة لكميات مختلفة من المعلومات القصيرة المتتابعة لا تعطيك الفرصة للتمعّن والتفكير فيها.

إذن فثقافة البرودكاست تتسم بالتضليل! ولا حاجة لي في أن أضرب مثالاً على أشكال التضليل المختلفة، ولكن سأنوّه على شكلين قد يغفل عنهما القارئ. إن الأشياء التي تمر على العقل وإن كانت عابرة سريعة تؤثر فيه بشكل أو بآخر، - وارجع لعلم النفس المعرفي فيما يخص هذا الموضوع- مما يعطي نتيجتين، الأولى، أن تضللك المعلومات العابرة والأقوال الخاطفة بشكل لا مباشر ولا متوقع، وثانيها، أن اختلاطك "الوهمي" وتتبعّك أو تربّعك لساعات وسط "المجالس الوهمية" للعلماء" أو المثقفين أو السياسين أو غيرهم ستلقي عليك "وهم" كونك واحداً منهم. .


ثقافة البرودكاست السائدة حالياً أدت إلى تفشي الخداع التصوّري قبل التصويري، وكثرة طلبات "الفتوى" التيك أوآي ، والتحليلات الخالية من أي منطق، والتشكي "المتسوّل للتعاطف" وتعاطي الأحداث المجتمعية والسياسية وتضخيمها بصورة لا تُقدم فيها ولا تؤخر، وإنما أحياناً قد تزيدها بلة وبلبلة، كما يحدث حالياً وسط الأزمة، فتشعل أضواء المسارح صادحة بالمهاترات السياسية، وتتضارب المعطيات، وتتكشف هولويدات الطوائف الفكرية.

 وأظننا في غنىً عن كل ذلك!

القراءة العابرة وحتّى المتأنيّة لكومة البرودكاست اليوميّة لا تصنع سوى "مُلم" بأوضاع الساحة، أو مثقّف استعراضي" في أحسن الأحوال.


أضف لما سبق أنها عامل أساسي في تنمية الكسل والعجز، وإذا بحثت عن أكبر مسبب لمشكلة التشتت فستمثلُ - صديقتنا- في أول القائمة.
ولا يخفى على أحد صناعتها للحظات الخاطفة، فلا تمنح التّجربة الكاملة، ويتفضّح ذلك جلياً بهوس المشاركة، وأجزم أن التجارب الناجحة والأفكار العظيمة والخواطر الصادقة هي التي لم تجهض بنشرها.


وبعد هذا، لنضع بضع تساؤلات :
بين كلّ ما تقرأ وما تكتب . .

- هل لها من تأثير حقيقي نافع في عقلية المتلقي ؟
- ثم أين موضع المسائل العليّة التي انشغل النّاس عنها بالسّفاسف؟
- أين ثمرة التحليلات والاستنباطات السياسية؟
- ما فائدة الانشغال بتحليل صحة الدّعاوى؟
- كم منها تعمل بشكل أو بآخر على الأدلجة والقولبة والتنميط؟
- كم منها يفتقر للمنهجية؟

وضع في بالك هنا، أنني أتحدث عن الصفوة من جموع "البرودكاسترز" !

إذن مواقع التواصل :

- لا تصنع مثقف حقيقي - والحظ أني قلت مُثقّف ولم أقل عالم أو مفكّر أو فيلسوف :) -، ببناء علمي متماسك، وإنما تكتفي بتكوين "سطحي" وهمي" هش ، لا ينفع إلا للاستعراض.
- مضيعة للوقت أكثر من كونها منفعة، لأن تنمية المهارات الحقيقة يُستحال في حضور "مسارح الاستعراض". .
- تشتت ذهني، تتشت أسري، تشتت نفسي :)
- تربية طبع العجز والكسل والنهم في الأخذ السريع. قارن عدد الساعات المقضية في تمرير البصر بين النصوص العابرة، وفي دهاليز المواقع والبرامج وبين مصادر النفع الحقيقية، سواء دينياً أو دنيوياً ، وأقرب شرح لمقصدي، أن القراءة قراءة، سواءً كانت لكتاب أو لمُصحف أو لبرودكاست، مقياس الحروف واحد، إلا أنّ مع ذلك نتثاقل ونستطيل القراءتين الأولى والثانية وننشط للثالثة وربما نخبتُ لها بالسّاعات، مع أن القراءة في جنسها واحد!؟ فهلّا تساءلت عن السبب؟
أقولها لك، لأن الأخيرة تنسجم مع "الأهواء " لأنّها تُشبع رغباتنا. ثم ألا تجدُ أننا نستلذ بالعلوم القصيرة والوجباتِ السّريعة؟

وعموماً، فمن الرزايا أن أناصح فيما أن واقعةٌ فيه، لكن لعلي احتسبها هروباً من معتقلات الخطايا . .



#

هل تظن بعد هذا المقال أو الخواطر أو أسمها ما شئت، أنك قادر على مواجهة الطوفان؟


#خواطر: الأنثى وجاهلية العصر

0


بتُّ استغربُ النسق الاجتماعي "الشاذ" المفروضَ على المرأة "بإرادتها"، ويُفهم هنا كيف تمّ فرضه  بكامل الإرادة الذاتية، لأن الجهل نصب سرادقه علينا!
النسق الذي يدفع المرأة إلى أن تشقى وتكافح من أجل فرص سوق العمل!
أتساءل، هل وضع الأنثى الطبيعي - أياً كانت- هو إيجاد وظيفة بعد التخرج؟
أين سُعاة الحريّة عن قيود "العمل النظامي"؟ . . لاعجب، فلكلٍ فيه مآربُ أخرى !
كيف ترضين وأرضى ونرضى -طبعاً هم يرضون- أن نكون في إطارٍ متوّتر خانق، الإطار المقيّد بالأعراف الشائعة، والأفكار العوجاء سواءَ كانت آتيةَ من غرب أو شرق.

***
بالنّظر إلى صورة المرأة في الأدب العربي :
المرأة "نؤؤم الضّحى" و "بيضة خدر لا يُرام خباؤها" و "يكاد يصرعها لولا تشددها إذا تقوم إلى جاراتها الكسلُ" و "تضحي فتيت المسك فوق فراشها".

ورجاءً لا تنظر لما سبق على أنه الجاهلية، فالواقع أنّها- المرأة- الآن تتحول تدريجياً "لجارية" !



 الجواري .. والعبيد.. و . . الإنسانية . .  لابد أن تقفز هذه الكلمة إلى السطور بعدها!
وعلى ذكر الإنسانية، هل تجد أن المعنى الحقيقي للحصول على "لقمة العيش" هو أن تتزحزح صباحاً إلى عملك، وتترنح على كرسيّك متنظراً أوامر "السيد المدير" فتعمل بطلباته وتلبّي رغباته، ثم تنتظر في نهاية الشهر ما يسدّ رمق عائلتك أو بالكاد، ثم تئيض كل ليلةٍ إلى فراشك وهكذا؟ وينقضي العمر . .
إذا كانت رؤيتك أن هذا هو "النمط"المفروض والصحيح فراجع إنسانيّتك!
ولتعلم أن معالم الإنسانية في المرأة أوضح، ولا تجنح لأرباع المثقفين في هذا الزمن، ممن يحسبون ذلك تجهيلاً للمرأة، وهضماً من مكانتها وانتقاصاً من حقوقها، و تيقّن بأن مساعي "البناء- على حد زعمهم-" وعلى هذا النحو، لن تُضيفَ للقارورة إلا الخدوش والثّلمات.

وعموماً، أظنك بعد هذا عرفت مقصدي بـ"الجواري" . . .


 هل هي دعوة للكسل؟
لا، بل دعوة لإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، ولكل أصلٍ استثناءات يعرفها اللبيب، واضطرارات تستدعي أن نُجيب، أما الجدّية في الطلب ثم المباهاة بالمنصب، فهو خراج المجتمع المشوّه الذي يغرر بنا "بانتزاع الحقوق" ويغرينا "بتحقيق الذات".

وفي النهاية، العمل الحقيقي للأنثى، لا يحكتر بمكتب، ولا بمطبخ :) بل هو السعي لأن تكون شخصية مقدورة ذات أثر يُحسب، ولست بصدد الكتابة عن ذلك هنُا، لكن اعلَم أن العلمَ والثقافة الغزيرة عامل مُعين على الإحسان. وللأنثى أولويّة عُظمى في هذا الجانب.
 وعلى ذكر الثقافة، هل تعرف بعد هذا كله ما المشكلة السابقة لمشكلتنا هذه؟
هي أن التصور العام عن "العلم" - والذي يغيضني لأبعد حد- يختزل في النهوض وافتتاح أبواب الجامعة والانصات لساعاتٍ طوال لمتحدثين عن أمجادهم، أو ساردين لمعلومات متفرقة على شكل قصص ما قبل النوم أكثر مما هو شرح وانسكاب للعلم . . . و اللهمّ إني أعوذ بكَ من علمٍ لا ينفَع!

للأسف أننا في زمن الاضمحال العقلي والنفسي الذي تُنسى فيه أصول الأصول!


المهم ... كانت خواطر عابرة بعد الغداء، اقتصصت جزءاً منها لتدوينة أخرى يوماً ما  :)

نسخة إلى : عبيد الحضارة الماديّة

أزمة النّفاق الفكري

0


 
لا يخفى على أحدٍ مفهوم النفاق بتعريفهِ الاصطلاحي الدّيني، أما حديثي هُنا فهو لا يُعنى به، وإنما بإحدى موروثات زعيم النفاق العقائدي ابن سلول التي تجّلت وسط معمعة الأحداث ونزواتها، فتعرّت العقول جرّاءها، وتَكشّف "النفاق" بأنواعهِ، فكأنما بارك الشيطان فيه ذريته، حتى لتحسب أن ممّن صلبه من أولاد آدم ضعف ما هم من غيره لكثرتهم!. ولذا اختصرُ المقدّمة بالتأكيد على ما أكّد عليه القرآن وبيّنه من خطورة وضرورة، ولعل في بيان خطورة هذا المفهوم وفي بيان ضرورة الوعي به، سبب ورود سورة كاملة باسم : "المنافقون" ..

وفي ما قد يٌفهم به النفاق الفكري بكونه الافتقار لصدق النقد والرد وغيره، -وإن كان فيه حقيقةً شيء من النّفاق " الاجتماعي" في نظري-، فهو خارجٌ عن إطار الهدف المقصود بالكتابة هاهنا، فما أعنيه هنا هو الازدواجية في الشخصية الفكرية للفرد، أي يرضى بالرذيلة في باطنه ويتظاهر بالفضيلة، وبما أن النفاق يُقابله "النزاهة"، فإنه سيتضح للقارئ سبب وجود الحالتين الباطنة والظاهرة للمُنافق، حيث أن بروز النّزاهة يعني أن تظهر الأفكار والمعتقدات الحقيقة للفرد، وكبشر فمن الطبيعي محاولة إخفاء ما نراه قد يؤثر في صورتنا، إلا أن الغلو في التمركز حول الذات يفضح كل الممارسات والأفكار المضطربة، فالأفعال والمعتقدات الخفيّة تنسجم بفعل النزاهة ..

لذا اعزُو مشكلة النفاق الفكري إلى وجود ثغرات في السلوك، وأخرى إلى إصابات حادة في دين الفرد، ثم إلى تدني مستوى النزاهة المنوط بالوقوف على تناقضاتنا الفكرية الداخليّة. 
ومانراهُ اليوم من نفاق فكري قد فاق مراحلهُ الأولى، ليصبح اختلال في الفكر  وماعداه من السلوك والممارسة!


وتنتشر أزمة النفاق الفكري بكثرة في أوساط لابسي رداءات "المثقّفين" ، لتغوى بهم الجماهير المتعطّشة " للثقافة " أو المحبة "للدين" ، بالخطابات الظاهرة، والحروف المنمّقة، وما خُفي من قبح لا يظهر للعوام إلا بالمخالطة والمجالسة، أو بالقراءة المكثّفة الناقدة الواعية، وقد لا تكفي، فكيف لمن رأى بؤرة النور أن يحيد عنها؟

و لهذهِ الفئة خِصال وسمات، فهم يمتهنون بالحرفيّة العالية في استغلال اللغة والفنون والدّين والتراث، وتجدهم قد شغلوا وأشغلوا النّاس بالفروعُ عن الأصول، كما يشتركون في ضبابية الرؤى والأهداف، واستخدام الأساليب ذاتها، والرد بالحجج والمنطق ذاته، وغيرهِ مما لم أقف عليه..
وإذا أردت أن تستبين وتصل لليقين، فسلهُ سؤالاً عن المبادئ فيما يخصّ المجتمع أو العامة من دونه، وترقّب المفردات البرّاقة، ودعه يخض في قول "لنا إيمان لا يتزعزع" ، ولن يلبَث مليّاً إذا ما باغتهُ بسؤال يفضحُ بواطنه، فسرعان ما سيتحلل من وعيه ومن "المبادئ" والمثاليات الهُلامية!
ولا  يخفى على أحد أن الخارجين من أبواب كليات السياسة والإعلام والفنون قد فاقوا غيرهم وتفوّقوا في هذا النفاق الفكري الذي أصبح لبعضهم "مهنة و "لقمة عيش"!



قد يُفهم من قولي هذا أن عدم الإلتزام بالأفكار والمبادئ الشخصية وتعارضها أحياناً هو نفاق، لذا أشيرُ إلى أن المقصد هو الافتراء تارةً على المعتقدات الشخصية والتلاعب بها، وتشكيلها بصورة مثالية، وفقاً لما يجذب هذا أو يخدم غرض ذاك،  أي أن التعارضات في الأولى تقتضي تغيير السلوك ليوافق الفكر البيّن، أما الحالة الثانية الموسومة بالنفاق فهي إعادة تشكيل الفكر وقولبتُه بما يظهر بتوافقه مع الأنموذجات وبالأصح " الأوثان " الدينية والسياسية والفكرية، وهنا يتمثّل الخطر..!
حيثُ تبدأ تلك العقول المنافقة ببثّ السموم بشكل لا يظهر للقارئ العادي، مستخدمةً الإيهام الذي يغفل عنه البسطاء، وما ينطوي على هذا الإيهام، من غسل للأدمغة، وجناية على المبادئ ، والتّلاعب بالنصوص والتعاليم الشرعية، حتّى تبدو أقوالهم وكتاباتهم للجماهير كلمة حق، بينما يُراد بها باطل.


وهؤلاء سيلجمونك إذا ما اعترضت أو حاولت نزع الغطاء عن سواد الخفايا، إما برد ينطوي على إغواءات المنطق، أو شرعنة المستقبح والفاحش في ردودهم، لتلزم الصّمت وتلزمك الحيرة! أما الأدهى منهم  سينتقل للجزء الأخطر، من إلى الرّد وتفكيك الحجة إلى استغلال الفرص لتفكيكك أنت!



بالقراءة في النصوص المتفرقّة، من أقلّ حروفها عدداً ، كتغريدات تويتر إلى الخطابات الطوال، والكتب ذات المجلدات ستجد كم هذه الأزمة متغلغة من أدنى القاع إلى حاملي الألقاب والشهادات!

وإن كان من الواجب علي بعد أن عرضتُ شيئاً عن هذا المرض الخبيث، أن أورِد حلاً، إلا أنني أستحسن الوقوف على ما ليس لي به علم وأن أتركَ المجال للقارئ بالرجوع لزمرة المفكّرين والعلماء، بعد إزالة الغشاوة ليرى بوضوح كل تلك النماذج "المنافقة"، ولا أجد في الوقت الراهن غير تربية التفكير النقدي وسيلةً للعوام أمثالي بعد التّمسك بكتاب الله سنة رسوله، -عليه الصلاة والسّلام- ولي في هذا قول آخر - إن شاء الله - ..


أعد النّظر في من تتابعهم أو تقرأ لهم أو تعرفهم أو تقابلهُم في أوساط المجالس . .
كم منهم مصاب بهذا الدّاء العضال؟ أُخبِرُك مسبقاً : لن تحصهِم عددا!

أحذروا النّفاق الفكري بالدّين والوعي . .

أقولها لدرء الخطر ..

احذروا هذا المرض!!

رأي حول التجديد في السيرة النبوية

0



بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيد المرسلين ومن تبعهُ بإحسان إلى يوم الديّن، وبعد،

فيما يخص المناقشة حول التفكير المتجدد في كتابة السيرة النبوية أم الاعتماد على أمهات الكتب المتناولة للسيرة النبوية، فإنه في البدء قبل أن أوضح رأيي، لا بدّ أن أوضّح أن السيرة النبوية، باعتبارها جزءاً من الخطاب الديني، قد خضعت لموضوع التجديد والابتكار، أي أنه أمر غيرُ مستحدث، ولو كانت العلوم كافةُ والدينية هنا خاصةُ، لا تقبل التجديد والابتكار، لاكتفى أصحاب أمهات الكتب بما كتبهُ من سبقهم، ولتوقّفنا جميعاً على ما وردَ أوكُتب في عصر الصحابة - مع أني لا أعلم- والله أعلم- أحد منهم رضوان الله عليهم أجمعين، قد اختص بكتابة السيرة، وإنما اللاحقون ومن بعدهم من الأجيال-، ولكانت كل العلوم ومنها السيرة النبوية مسؤولية تقع على الصحابة أو التابعين وحدهم، ولكن يتضح لي أن الإسلام دعا للتجديد والابتكار بشرط الاستقامة والصحّة، وتلك مسؤولية منوطة بإخلاص واجتهاد المؤلفين والكتّاب والدّعاة، وانطلاقاً من مشروعية ذلك في الدين فإني أرجّح كفة الإبداع والتجديد، لعدّة أسباب أذكرها هنا:

- السيرة النبوية أتت لكل مكان وزمان، أي الأخذ بها مستمرُ حتى قيام الساعة، إلا أن المستجدات والعصور وما فيها من أناس ولغات قد اختلفت وتغيّرت، فكان لابد من ضرورة التجديد في أسلوب التقديم لا التغيير في الأصل، بكلمة أخرى، إن الأسلوب التي قدّمت به أمهات الكتب في العصور السابقة قد لا يتناسب مع العصر الحالي، وخصوصاً عندما تقدم خطاباً أو كتاباً للعامة، فإنه ينبغي على الكاتب، -حرصاً منه على بلوغ الهدف المنشود من الكتابة- أن يتخذ في الأساليب ما يراهُ الأقرب والأنسب لعقل وقلب القارئ وأن يكتب ما يتلاءمُ مع العصر الذي يعشيهُ، دونما مخالفةٍ لأي واردٍ في الكتاب والسنّة.

- إذا اكتفينا بأمهات الكتب، فإن هذا يعني الاكتفاء بمنهج واحد، وتقييد الإبداع والتجديد الذي هو ميزة وخاصيّة من خصائص هذا الدين العظيم المرن، والتضييق على العقول قبل الأقلام، وحينها يصبح العلم – ومنها السيرة- حكراً على السابقين، ومنع الآخرين من التفكير والاستنباط والبحث، وقد أحسنَ العقّاد عندما أسمى أحد كتبهِ " التفكير فريضة إسلامية" ، فإذا كانت الآيات الواردة في القرآن عن شأن التفكّر والتفقّه والتبصّر ومرادفاتها تزيد عن مئتي آية، فهل يعُقل أن الدّين الذي أتى حاثاً على التفكير أن يجعلهُ ميزةً في يدِ الأوائل والسابقين؟ ويحرم منهُ اللاحقين؟ وقِس على ذلك موضوع التجديد في السيرة النبويّة.

- إذا تابعنا التسلسل التجديدي للسيرة في التاريخ، وجدنا أن أول التجديد الحادث كان "تدوين" السنة بعدما كان النقل الشفهي، ثم أتى عصر الجامعين كابن هشام، وأتى من قسّم وصنّف وبوّبَ السيرة، وأظنا الآن في زمن يتطلب المزيد من الشرح والتعقيب والتفصيل فيما يخص السيرة النبوية، خصوصاً أننا في زمن بعُدنا فيه زمانيّاً، وإيمانيّا، وحتى لغويّا، عن قرنِ السيرة.

- هذا كله لا يتنافى مع أهمية الاحتفاظ وتدارس أمهات الكتب التي هي الأصل فيما يكتبُ اليوم، فيكون لها مختصّيها ممن يعاود التأمل والتعقيب والشرح فيها، فالمسألة إذن مسألة تجديد في الأسلوب والصياغة وتقريبها من الجمهور بحيث تحظى بأوسع انتشار، وتكون أشدّ تأثيراً في قلب المتلقي.



وأختم بقول المصطفى عليه الصلاة والسّلام" إن الله يبعثُ لهذهِ الأمة على رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها دينها"، وهذا – والله أعلم – هو المقصود بالتجديد، لا التجديد المعنى بالتغيير الجذري للأصول والبدع، وإنما التجديد المعنيّ بالإبداع والابتكار في الوسائل والأساليب مع المحافظة على المادة المستمدّة منها التي هي هنا متمثّلة بالسيرة النبوية.

وشخصيّاً، إذا ما أتيتُ لأقرأ في السيرة كسرد تاريخي، فإنني أعتمد تمام الاعتماد على الكتب الضخمة من أمهات الكتب التي تحتفظ بتسلسل وتدليل متين، دون الاختصار والإسقاط المقصود بهدف التبسيط، وفي المقابل، فإنني أحبّذ أن أقرأ في كتب المجددين إذا ما أردت قطف العبر والدروس والروائع يسيرة قريبة. وهذا مثال يبيّن أهمية كلٍ منهما – بالنسبة لي- .



أسأل الله أن يجعلنا من المجددين لا المبتدعين.. والحمدلله ربّ العالمين.

مُقتطفات من فلسفتي التربويّة

0

لكل منّا فلسفتهُ الخاصة في كل أمر، وإن كنا لا نعي ذلك، فالفلسفة قوامها التفكير، والتفكير خصيصة جوهرية لدى الإنسان شاء أم أبى، ولما للعلم من أهميةٍ عظمى متمثّلة في بناء الأمم وازدهارها، كان لا بد من وضع فلسفةٍ تربوية تتضح من خلالها ملامح شخصيتي التربوية وآراؤها وخلفيّاتها، وتبرز فيها أفكاري عن مخرجات التعليم ومبادئه المنطلقةِ من استشعار عِظَم الرسالة المؤدّاة، (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ).
يقول ديكارت: إن حضارة الأمم تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذا في كتابتي هذه يتبيّن جوهر فلسفتي التربوية لا بخصوصيتها وإنما بالسعي لصحتها وشموليتها، وقربها من الهدف المنشود: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)، ولما كان العلم من أولى أدوات الإصلاح، وفي مقدّمة الأمور المعنيّة بالإصلاح، بدءاً من الفرد حتّى المجتمع بأكمله، فإني أرى أن الجمع بين السليم من طرق وقيم الفلسفات العامة المعروفة ودرء ما هو فاسدُ منها، ثم تحديدُ أطرها بالفلسفة الإسلامية وضوابطها مع حريّة التوجه في مالا يتصادم مع المبادئ الأساسيّة لها، هو الخيار الأمثل -في نظري- لتشكيل فلسفة تربوية متينة ومرنة في الوقت نفسه.

إني أرفض التقوقع في أصداف أي من الفلسفات التربوية القديمة والحديثة والاكتفاء بها، وأرى في ذلك تضييقاً على العملية التربوية والطرف الآخر الأهم في العملية: الطلاب، أي إن وضع الفلسفة التربوية وفق منهج معين أو فلسفة معينة واحدة هو نوع من التشكيل للعقل، ورسم أُطره التي لا يعرف لها حد، وهو ما يتنافى مع مكانته وخصائصه التي أبدعها الخالق فيه، وبالتالي هي عملية استنساخ -إذا صح القول- لعقول الطلاب. ولا بدّ أن أورد هنا ميلي الشديد ليس لتطبيق المبادئ الإسلامية في العملية التربوية فحسب، وإنّما لتطبيق التربية انطلاقاً من الأسس الموضوعة في الكتاب والسنة. وأشير إلى أن ذلكَ، مهما صحّ من المعلّم، لا يكفي في حال غياب الدور الأسري والمجتمعي، وإذا ما اعتبرت ذلك نهجاً أسير عليه ومن ثم قورن بنظريات التعليم الغنية عن التعريف سنجد أن جميعها باختلافها، لابد وأن يتشارك في نقطة أو أكثر مع الأسس التربوية الموضوعة في التربية الإسلامية، على سبيل المثال:

- نظرية سكنر: المبنيّة على "التعزيز الموجب"، أجد ما يماثله استنباطاً من القرآن الكريم في قوله تعالى(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)3، وذلك بتقديم المثيرات المرغوب فيها، التي تتضح جلياً في المفهوم الإسلامي بالأجر والثواب والرزق والمنح الدنيوية والآخرويّة، وفيما يخصّ التعزيز اللفظي فقد امتلأ القرآن والسيرة بأمثلة حسنة على استخدامه الذي يؤدي بدوره إلى تحسّن التعلم، وأما التعزيز السالب المفهوم بامتناع وجود معزز لسلوك مرغوب فيه، فهو يماثل المواضع الواردة في القرآن عن الهوى والصبر وغيرها التي يتبنّى القرآن الكريم أسلوب تعزيزها بنفس الطريقة. ونلحظ أيضاً أن الآيات الواردة عن الثواب في القرآن (أي التعزيز الإيجابي) تزيد عن ما يقابلها من الآيات الواردة في التعزيز السلبي والعقاب، وإن دل ذك على شيء فإنما يدل على أن التعزيز الإيجابي لهً القوة الأكبر في التأثير على السلوك، ويصدّق ذلك – مع أننا لسنا بحاجة إلى ما يدعم الكتاب المحفوظ – أن جميع الدراسات التي أجريت في هذا المجال أثبتت أن النوع الأول من التعزيز ليس له أثر حسن فقط على التّعلم وإنما على صحة المتعلم العقلية أيضاً4. حتى فيما يخص فترة التعزيز من النظام الثابت والمتقطع فإننا نجد ذلك وارداً أيضاً. وفيما يخص العقاب، فإني أرى جدواهُ في العملية التربوية، وأرى مشروعيته انطلاقاً من مشروعيته في الإسلام بقصد التأديب والإلزام بالقواعد والشروط التي لا تقوم الصفوف الدراسيّة إلا بها، ولا أكتفي بصلاحية العقاب وإنما أيضاً بالاستنباط المنضبطُ من مصادر الإسلام على كيفيّة استخدامه كعلاج في العملية التربوية، وذلك بمراعاة التدرج والبدء بالنصح والإرشاد والتوجيه ثم التأنيب والتوبيخ كخطوة ثانية على أن يخلو ذلك من كل إساءة للمُتعلِّم، لأن ذلك ينافي التوجيه النبوي والتوجيه التربوي للطالب. ثم تلحقها خطوة الحرمان، - من الامتيازات على سبيل المثال-، ثم التهديد والتخويف من العقاب، ثم آخر مرحلة وهي العقاب البدني الطفيف حين يشتد العصيان وتفشل كل الأساليب السابقة وهذا نادر الحصول، إلا أن المربّين يستبقون الخطوات الأخيرة عوضاً عن التدرج، ومع ذلك فلا بد أن أضيف تفاصيل – لا مكان لها هُنا- فيما يتعلق بالتدرج أيضاً في ما يتعلق بالعقوبة البدنية والعمر بأن يكون ممن تجاوزوا العاشرة، حيث أن الشدة قبل هذا العمر لها مضارُ من الناحية التربوية، وتُفاقِم من المشاكل السلوكية إضافة إلى التأثير السلبي الذي ستلحقهُ بالمتعلّم أخلاقيّاً وجسديّاً ونفسيّاً.

الأهداف التعليميّة :

وأما فيما يتعلق بالأهدافِ التعليميّة فإني أرى إيلاء الأهداف الوجدانية ثم المعرفية الاهتمام المركّز في المقام الأول وتلحقها آخراً الأهداف الحركيّة. فإذا استطعت إنشاء جيل مُحدد الرغبات، غير مُضلل عن الاتجاهات المستقيمة، عارفاً لميولهِ، وعلى أقصى درجة من الاستعداد، حينها يكون التوجيه للأهداف المعرفيّة أيسر وأعمق، ولعل أحد المشكلات التي تتجلى في الجامعات هو أن الطلبة يصلون للمرحلة الجامعية التي تهدف بشكل أساسي لتعميق الأسس العلمية وتنمية المعرفة، وهم يعانون من التخبط والتشتيت وسط المعارف العديدة التي تفرض علينا اليوم التخصص والتعمق في مجال واحد، ويعود ذلك إلى كون المرحلة الأولى المتمثلة بتحقيق الأهداف الوجدانية، لم تأخذ حقها طوال السنوات التي قضاها الطالب على مقاعد الدراسة. أما في الحديث عن الأهداف الحركية والسبب الذي جعلني أضعها في المرتبة الثالثة، هو أن المهارات الذهنية غدت في عصرنا الحالي أهم بكثير من المهارات الحركية- ولا يعني ذلك تهميش الثانية- وإنما المقصود أن تكوين العقل الواعي الناقد يتطلب مجهوداً أكثر بكثير مما يتطلبّه تعليم مهارة معينة ويبدأ منذ مرحلة مبكّرة، إضافة إلى أن المهارات العقلية قابلة للتشكيل والتوسع والامتداد مع الزمن، بعكس المهارات الحركية التي تعتبر النسبة الأكبر فيها ثابتة. وبالرجوع لفلسفتي المستمدة من الفلسفة الإسلامية، أجدها أيضاً موافقة لها من حيثُ: أن الإسلام بدأ بترسيخ العقيدة والإيمان في النفوس قبل الخوض في التعاليم والتفاصيل المعنيّة بالمفاهيم العقلية، أي قدّم البناء الوجداني على البناء المعرفي، وعقب ذلك أٌتبِعَت بالتعليم الحركي المهاراتي المعني بالأفعال، وأكدّ على عدم التكليف بما لا طاقت به.

أساليب التدريس

وفيما يخص الاستراتيجيات والأساليب، فإني كما ذكرت في المقدمة، أتبنى التنويع والتجديد بين الاستراتيجيات القديمة والحديثة، والأساليب المتعددة في مُختَلفِ المدارس الفلسفية أجمع، مع الاستفادة من نظرية الذكاء المتعدد، والأنماط المختلفة للمتعلم، الحسي والسمعي والبصري، بتكوين مزيج منها يشمل الأدوات المناسبة لكل نمط، كالعروض، والسرد القصصي أحياناً، والمحاضرات التقليدية حيناً آخر، وإدراج التقنيات الحديثة والبرمجية، والعصف الذهني والتخيّل، والمناقشة المُثمرة، والخرائط المفاهيميّة بإنشاء علاقات وتنظيم المعلومات وتبسيطها على شكل صور أو كلمات يسيرة يمكن من خلالها ربط المفاهيم الجديدة ببنية الطالب المعرفية، إضافة إلى الفحص والتتبع أو ما يُعرف بالمنهج الاستقرائي، بحيث أنتقل من الحوادث الجزئية إلى الأحكام الكليّة، عن طريق نقطة أو مثال حتى نسير مع الطلبة بعدها باستخدام المناقشة والوسائل البصرية إلى النهايات، ثم أصيغها للطالب بشكل نهائي مُلخّص مُحكم.

أساليب التعامل مع الطلبة:

الوسطيّة .. فلا إفراط ولا تفريط، وأرى تجنّب الأسلوب التسلطي القائم على التحكم في الأفعال والأقوال بطريقة الجبر والإكراه، وإنما التوجيه السلوكي للمتعلم وفقاً للشخصية والرغبات. واحترام القدرات والإمكانيات، وتشجيع إبداء الرأي، فضلاً عن ذلك، عدم إهمال مجموعة من الطلبة سواء كان ذلك مقصوداً أو غير مقصود اجتناباً لأن يكون مؤدى التجاهل إلى الإحباط، وخصوصاً في المرحلة الأولى، كما أرى أن الإفراط في الشدة كعدم تناسب بين العقاب والذنب المُرتكب يشكل خطورة نفسية وينمي العدوانية، وأرى ذلك في المنهج التربوي الإسلامي من خلال قوله تعالى : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)5 وقوله – صلى الله عليه وسلم “إنَّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِيِ عَلَيْهِ مَا لا يُعطِي عَلَى العُنْفِ.” أي اعتماد اللين في الغالب، والشدة حينما يجب مع وضع الخطوط العريضة التي لا يجب تجاوزها.

والطالب كائن لا يختلف فيزيولوجيّاً عن البشر الآخرين، لكن التنوع الهائل الذي جعله الله في عباده، يجب أن يكون أولى المحطات التي يقف عندها التربوي الذي تتشكل على يديه عشرات الأجيال ومئات الأفراد وأكثر.

ومن هنا، أؤمن بالاختلاف الشديد، والتقارب الشديد أيضاً أحياناً في السمات المشتركة، على جميع الأصعدة، العقلية والنفسية والبيئية والبدنية، والخصائص الأخرى من علاقاته الأسرية والاجتماعية، وتحقيق الذات، والدافعية، والقدرات الإبداعية والمهارات، إلى جانب صعوبات التعلم وغيرها.. وإذا أردت تقسيم هذه الاختلافات إلى ثلاثة مجموعات :

- الاختلاف العمري/ اختلاف المرحلة التعليمية: تُعامل كل مرحلة بما يناسبها من حيث الأدوات والأساليب ومنهجية التعليم والتدرج فيها بما يناسب كل مرحلة عمرية.

- اختلاف المهارات والقدرات العقلية : وهذا يفرض احترام الفروق الفردية، وتبني نظرية الذكاء المتعدد، وتعزيز الجوانب المتميّزة المختلفة لدى الطلاب، واتباع الأساليب المنوعة التي تضمن وصول المعلومة لكل فرد باختلاف الدرجات والقدرات العقلية.

- اختلاف الحالات، ووجود بعض الحالات الخاصة:
وينبغي هنا التعامل مع كل طالب ككيان مستقل في عملية التوجيه، واتباع ما يُرى بأنه الأنسب له وفقاً لحالته ووعيه وخلفيّاته وجميع العوامل الأخرى المؤثرة، لابد من وضعها في الحسبان، كما لا يغفل عنا العناية ببعض الحالات الخاصة سواء كان تلك الحالة ناتجة عن مشاكل واضطرابات، أو إعاقات أو حتى تميّز ونبوغ ملحوظ.

الإدارة الصفية والعلاقات :

أجد أن الإدارة الصفيّة يتوقّف عليها – إلى حد كبير- المهمة التدريسيّة، حيث تمثّل مجموعة أنماط سلوكية مختلفة لابد لي من استخدامها لتوفير البيئة المناسبة وضمان استمراريتها لتحقيق الأهداف المرجوة، وبما أن الفصول تعج بمشكلات، فإن الإدارة الفعالة هي التي تؤدي إلى النتائج السليمة والمخرجات الكفؤة، مع المحافظة على قدر معقول من النظام، والالتزام ببنود المؤسسة، بغض النظر عن ماهيتها، حيث لا يمكن تطبيق طريقة واحدة، لذا فهي ديناميكية، حيث تقوم على مجموعة متنوعة من الطلبة ذوي الصفات والقدرات والمشاكل المختلفة. ويترتب على تشكيل إدارة فعالة تطوير ثلاثة مهارات أساسيّة كمهارة تفعيل الجو الاجتماعي الانفعالي ومهارة عمليات الجماعة، إلى جانب المهارة المتعلقة بالسلوك من حيث التعزيز الإيجابي والسلبي والاطفاء والعقاب - كما ورد تفاصيلها سابقاً-، حيث أن تعديل السلوك، مرهون بالتّعلم المشروط بالثواب والعقاب، مع التركيز على النقطة الجوهرية في تعديل السلوك وهي المبادرة والتعجل في اتخاذ رد الفعل سواء أيّ التعزيزين كان. كما أرى ضرورة الأخذ بالأمور الحاسمة للانضباط في الفصل كالتمكن من المادة التي تعزز أو تفقد الطلاب ثقتهم من خلالها في معلّمهم. إضافة إلى التمكن من إيصالها بصورة شيّقة ويسيرة لا تُسرّب إليهم الملل. وإشراك الطلبة إلى أقصى الحدود وعدم تكليف الطلبة بما لا يطيقون لأن ذلك سيؤدي لا محالة إلى نفور منهم، ويترعرع حينها التمرد والفوضى. أما في السلوكِ تجاه الطلاب المشاغبين فيجب أولاً معرفة السبب المؤدي للشغب، وتفحصه لمعرفة ما وراء السلوك، ولا توجد حالة واحد تنطبق في دوافعها ونوعها ودرجتها على كل الطلاب، لأني كما أوردت سابقاً أؤمن بالاختلاف، لذا الواجب حفظ الأسماء، وإدراك الشخصيات والاهتمامات وخلقٍ نوع من الألفة بين الطالب والتلميذ، فتكون العلاقاتُ مبنيّة على الاحترام أكثر من الخوف. كما أرى أن المكان والتجهيزات والزمن والمقرر تشكل عوامل في ضبط الصفوف، إضافة على شخصية المعلم التي من المفترض اتسامها بالثقافة العامة والمستوى التعليمي المطلوب، وسرعة البديهة والاتزان النفسي والتسامح، والحماس، وقوة الشخصيّة، والعناية بالمظهر بشكل غير مبالغٍ فيه، والاهتمام باللقاء الأول، وتحقيق القدوة الحسنة وصورةُ حيّة تعكس السلوك "لا تنه عن خلق وتأتي مثله ،عار عليك إذا فعلت عظيم) وإثارة اهتمام الطلبة نحو العلم.

ولابد بعد هذا كله، ضمان التوافق بين الفلسفة التربوية وأهداف المؤسسة، وتعزيز القيم التي تتبناها المؤسسة، وتحقيق أهدافها، مع عدم الإغفال عن تحقيق المعايير الشخصية والقيم التربوية المتضمّنَةِ في الفلسفة التربوية الشخصية طالما لا تتعارض مع رسالة المؤسسة ورؤيتها.

وأخيراً، فإن الإلتزام بالمبادئ الإسلامية لكل معلم ذو مسؤولية عظيمة تُنير الطريق الذي ينبغي السير فيه بغض النظر عن الأساليب والوسائل، فمن التقوى، اختيار أفضل الوسائل الموصلة إلى أتمّ النتائج، ومن التقوى معاملة الطالب بالإحسان، ومن التقوى الحماس للتعليم بأقصى الطاقات والإخلاص في ذلك، ومن التقوى المحاولة المستمرة والتجديد بما يحقق أفضل المخرجات، فالمعايير محددّة بميزان التقوى، والطرق متروكة كفسحة للمعلّم، ينتقي منها ما يتناسب مع رؤاهُ طالما التزم بـ:(واتقوا الله ويعلمكم الله).



* كتبت الفلسفة التربوية 16/8 مقدّم إلى د/ أريج برهم

أرشيف المدوّنة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.