0

 اسم الكتاب: الماجريات


المؤلف: إبراهيم عمر السكران

عدد الصفحات: 328

تقيمي: 5 من 5.

  > لقراءة نبذة عن المؤلف وبعض مصنّفاته <

 

***  


ولا شيء أكثر حزناً من أن يتوهم الماجرياتي من أنه في قلب عملية التغيير وفقه الواقع وهو مجرد مراقب ومتفرج لا غير

 

***

نبذة عن الكتاب:

استفتح المؤلف كتابهُ بقصة طالب علم أراد البدء في بحثه العلمي، مخصصاً وقتهُ للبحث، ما إن التفتَ إلى هاتفهِ وفتح أحد برامج التواصل حتى ود نفسه منغمساً فيه وقد ذهبَ يومه وهو لم ينجز في بحثه شيئاً. وهذا السيناريو ذاته يتكرر مع الكثير منّا بصور وأشكال متفاوتة.

وقد قصد بتسميتِه لعنوان الكتاب ب"الماجريات " أي ما جرت عليه العادة، ويعني هُنا الأخبار والوقائع


* وهُنا وجدت مراجعة وافية شامِلة كتبها "محمد العوشن" أجدها تفي وتوفّر لي وقتَ كتابة مراجعة بديلة، لذا أكتفي بنقلها:


وقفات أولى ..

-  الشكوى باتت تشمل المنشغلين بالعلم والدعوة ولم تعد خاصة بالطلاب حديثي العهد بالتقنية، فتأخروا عن أعمالهم، وبحوثهم، ومهماتهم الجليلة انشغالاً بوسائل التواصل. وإذا كان هذا حال الخاصة فكيف بغيرهم!
    وكم كنا معجبين بالشبيبة المنكبة على العلم والدعوة المستهلكة أوقاتها في ذلك، وأن ذلك كان مما يثلج الصدر، وكيف أنهم بدأوا في متابعة الأحداث والأخبار والمستجدات حتى غرقوا في جوالاتهم الذكية ومواقع الإنترنت، فكانت نتيجة ذلك أن تدهورت الشهية العلمية والدعوية لدى الواحد منهم، فصار يستثقل القراءة الجادة والبحوث الطويلة، والدروس المستمرة، والقاء الكلمات النافعة والتحرق للدعوة، مع تطور في الوعي السياسي والفكري والواقعي، لذا وجدت ظاهرة واضحة وهي ( انكماش الشغف) ببحث العلم وبثه وتبليغه متزامنة مع متغيرات عالمية هائلة لتضغط على أصولنا الإسلامية في التصور والقيم والسلوك، بينما ذخيرتنا الحقيقية هي العلم والإيمان.
- المزيد من التقصي يؤدي للانفصال عن العمل : تقصي الأنباء اليومية، والشطحات والشذوذات والتقليعات والمهاترات.. يفضي لدوامة تؤدي للانفصال عن العمل والتنفيذ والإنتاج، واعتبار أن المشاهدة والتعليق هي الحالة الطبيعية لطالب العلم.
-  يؤدي الإدمان إلى صياغة نمط من التفكير الأفقي لا يبصر إلا الغلاف، فهو انصراف من عالم الإنتاج حيث الخبرة والتجربة والصعوبة والإنجاز إلى رفوف التسوق والاستهلاك فلا يتلقى إلا المنتج النهائي.
- معايشة تجارب المنجزين في العلم والثقافة و الإصلاح، ومخالطة تفاصيل كدحهم ومكابدتهم هو من أعظم ما يداوي هذه الاستنامة والتفكير الأفقي، خصوصاً أن أكثر الرموز التي نتوهم معرفتها لا نعرف عنها سوى القشرة الخارجية، لهذا تناول المؤلف في الفصل الثالث (نماذج من الشخصيات وكيفية تعاطيها مع الماجريات والمشغلات).
- نحن بحاجة لـموقف مفصل من إشكالية الانهماك المفرط في متابعة الأحداث، من شخصيات علمية وفكرية ودعوية.

التمييزات الحاكمة:

تهدف الدراسة لنقد ظاهرة (المغالاة والإفراط) في أصل صحيح مطلوب،
و ليس القصد استئصال الأصل وجزه بل تشذيب القدر المشتط المتجاوز فحسب.

وهناك جملة من التمييزات المهمة بين مصطلحات وسلوكيات قد تتشابه ظاهرياً لكن بينها فرقاً كبيراً :
1-     التمييز بين فقه الواقع والغرق في الواقع.
2-     التمييز بين المتابعة المتفرجة والمتابعة المنتجة.
3-     التمييز بين المتابعة زمن التحصيل والمتابعة زمن العطاء.
4-     التمييز بين توظيف الآلة، والارتهان للآلة. ( توظيفها في نشر العلم والخير والدعوة والفقه والتدبر وتيسير العلم للناس والتوعية الحقوقية والطبية وغيرها، أما الارتهان فهو : التحول من إنتاج أشرف ما يكون في هذه الوسائل من العلم والإيمان إلى تلقي واستهلاك أدنى ما تنتجه تلك الشبكات من السوء والضلال والانحراف).
5-     التمييز بين فصل السياسة عن الدين و بين مرتبة السياسة.
وأن العمل فيها على حالتين :
إما الفصل أو الوصل، 
فأما الفصل فهو  العلمنة، واعتبار السياسة أمراً منفصلاً تماماً عن الدين وأحكامه وتشريعاته.
وأما الوصل وهو اعتقاد وجود علاقة بين السياسة والدين، فإنها على ثلاثة دروب ( التعميم، السلطنة، التخصص)
- التعميم / والمنادون به يرون أن السياسة من صميم الدين، ويطالبون عامة المنشغلين بالعلم والإصلاح أن يتوجهوا للعمل السياسي والإصلاح السياسي والتغيير السياسي، مع اللمز للمنشغل بقضايا الطهارة والصلاة والصيام ونحوها. وهذا الاتجاه غلوّ في مقابل العلمنة.
-  السلطنة / ويقول أصحابه : أن السياسة من صميم الدين، لكن الاشتغال بها حصري على الحاكم وهو الأدرى بالمصلحة، وانشغال غيره بها يثير الفتن  وهذا الاتجاه غلوّ في مقابل التعميم.
- التخصص/ ويقول أصحابه : أن السياسة تخصص مطلوب لفئة محدودة من الأمة، يلزمها الإيغال والتعمق فيه واستيعاب تفصيلاته، ويكفي من البقية معرفة مجملات الواقع فحسب، وهو اختيار المؤلف.

- تنويه :

الانشغال بالمجريات وبالسياسة في الكثير من الأحيان يعتبر هروباً من المشكلات الحقيقية وتعقيدات المهام والمطالب العلمية والعلمية، وهذا ملاحظ في أيام الجدّ المكثف، كأيام الاختبارات وفي أوقات العبادة في رمضان.

الفصل الأول : موقع الماجريات


- ذم الانشغال بها:
تحدث عن ذم الانشغال بالماجريات مستشهداً بكلام لابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، كما أشار إلى التأثير السلبي لصحبة الماجرياتيين، وكيف أنهم يضيعون وقت الإنسان وعمره فيما لا طائل.
وتحدث عن الطاقة الذهنية، وأنها محدودة، فأي صرف لها في غير مستحقه سيقلصها عن الأمور المهمة.

- أهل الكمالات :
ذكر ابن القيم في "مدارج السالكين" عند شرح منزلة السر :(أهل هذه الطبقة أثقل شيء عليهم البحث عن ماجريات الناس، وطلب تعرف أحوالهم، وأثقل ما على قلوبهم سماعها.. فإنه يحط الهمم العالية من أوجها إلى حضيضها، وربما يعز عليه أن يحصل همة أخرى يصعد بها إلى موضعه الذي كان فيه) فهم لا يتكلفون صرف أنفسهم عنها، بل هم يكرهونها أصالة.

- بواعث الماجريات:
(الحرص على معرفة ما لا حاجة به إليك، أو المباسطة بالكلام للتودد، أو تزجية الأوقات بما لا فائدة منه) كما يقول الغزالي، وذكر ابن الجوزي من نماذجها ( أخبار الساسة والرؤساء وقصصهم، وأخبار الأسعار والسلع) ولازالا يستهلكان حتى اليوم.

 - تأصيل الماجريات:
- (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) أي الأحاديث الملهية عن القلوب، ومنها الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا، كما يقول ابن سعدي.
- (إن الله كره لكم ثلاثا، قيل وقال ، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)

الفصل الثاني : الماجريات الشبكية


ظهر مصطلح إدمان الإنترنت عام 1996م ، حيث بدت تظهر على المصابين به نفس أعراض اللعب المرضي للقمار، وله ذات الآثار : (الإخفاق الدراسي، تدهور الأداء المهني، الانفصال الأسري)، ولهذا فواحد  من كل 8 أمريكيين يعاني من أحد أعراض الاستعمال المرضي للإنترنت في عام 2006، و في كوريا الجنوبية يوجد 140 مركز استشاري لعلاج إدمان الإنترنت!

- التصفح القسري : 
في الأوقات الجادة المخصصة للمهام (اجتماع عمل، درس، مذاكرة، بحث، ذكر، تلاوة ..) تتسلل اليد مراراً للهاتف الذكي

-  الأعراض الانسحابية : 
ظهور الغضب، والقلق، والتوتر، والانزعاج، والفضاضة على من ينفصلون عن الإنترنت.

- بين الإغراء والهروب : 
أشار المؤلف إلى أن الانشغال بالماجريات ليس كله انسياقاً وراء المحتوى الجاذب والمثير، بل هو آلية للهروب النفسي من تعقيدات المهام والمطالب العلمية والعملية، لهذا تزداد الرغبة والإلحاح وقت الاختبارات المدرسية وأوقات العبادة الجادة.

- التصفح الملثم : 
محاولة كتمان مدة الوقت الذي يتم قضاؤه على الإنترنت، هو أحد مظاهر الإدمان.

- العمى الزمني: 
فقد الإحساس بالزمن أثناء التصفح حتى تبدو الساعات كالدقائق.

- مدمنوا البيانات : 
فطوفان المعلومات عوضاً عن شحها يجعل المدمن يواصل (التنزيل) ولا يواصل الدراسة البحثية ويمكن أن يسمى ذلك : (الإفراط في تحميل المعلومات).

- تسلسل التصفح : 
التصفح المتمادي .. التصفح المستطرد، فيبدأ بموضوع يريده، ثم تسوقه المواقع إلى موضوعات أخرى لا تدخل في مجال اهتمامه، فيجد نفسه قد خرج كلية عن موضوع بحثه.

- النبأ المتدحرج: 
فأصل الخبر : خبر يأتي بشكل خام ومؤقت ومحدود المعلومات، غير أن شبكات التواصل والجوالات الذكية اليوم صنعت شيئاً آخر، فقد بات الخبر يتضخم ككرة الثلج ( خبر - تعليق- تعليق التعليق-...)، ولذا تذهب كل أوقات الفراغ بالجوال الذكي لمحاولة إدراك هذا الكم الكبير المتراكم، فتجد الجوال مفتوحاً في أوقات انتظار الصلاة، وقبل النوم، وعند الاستيقاظ من النوم، وفي الاجتماعات، والمجالس، والمناسبات.

-  لحظات التسلل : 
أكثر متأتي حالات التسلل لواذاً  إلى تلك الشبكات في حالة ضغط المهام، وفي أوقات الاسترخاء بين المهام، ومع أوقات استفتاح العمل.

-  الاستمراء بمواطأة النظراء: 
الناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض، فإذا رأى أقرانه وشيوخه كذلك خف وقع الأمر في نفسه، وهذه مصيبة!.

-  المهاترات الشبكية : 
 تجد الرجل وقد كان يشح بوقته على أمور مشروعة فإذا هو قد بات يجود بزهرة شبابه على اللغو الشبكي، وكان يتسائل عن التعامل مع المناسبات الاجتماعية بوصفها مضيعة للأوقات، لكنه بات ينفق الساعات على الشبكة دون تأنيب للضمير، فتراه  يتذمر من الالتزامات والانشغالات، ويطعم وقته مسبعة الماجريات دون بخل.

- ماهو المطلوب؟
1- التوازن في معاملة نظم الاتصالات.
2- إيلاء المشكلة حقها من العناية.
3- ألا تقودنا مشاهدة النظراء للتساكت والتجاهل.
4- الوقوف الصارم مع الذات وإعادة تنظيم العلاقة لتكون متابعة منتجة وبقدر معلوم، لا يطغى على مهامه الأخرى، ولا يبعثر جمعية قلبه على الله.

الفصل الثالث : الماجريات السياسية


وقد أخذ هذا الفصل ثلثي الكتاب من (ص73 إلى ص 312) مستغرقا  239 صفحة من أصل 328
وتناول المؤلف في هذا الفصل خمسة نماذج ، وهي :
-  نموذج الشيخ البشير الإبراهيمي ( باب السياسة وقشورها)
- نموذج مالك بن نبي ( الدروشة السياسية)
-  نموذج أبي الحسن الندوي  (التفسير السياسي للإسلام)
- نموذج المسيري ( السياسة الحَدّثيَة )
- نموذج د.فريد ألإنصاري (التضخم السياسي)
وهذا الفصل هو فصل كبير لأنه يتحدث عن سير ذاتية لأشخاص، أرى أن قراءتها أجدى من اختصارها لمن أراد معرفة سير أولئك الرواد، كما أرى أنها تفصيل كبير واستطراد قد لا تمس الحاجة إليه في سياق الحديث عن خطر الماجريات.

* حصائل وتعقيبات *


- فقه الواقع :
 مع أهمية فقه الواقع لكننا تحولنا إلى كثرة الكلام وقلة العمل وصارت الأوقات تشوى بجمر الماجريات على حساب التحصيل العلمي والانجماع الإيماني والإنتاج الإصلاحي، مع شعور المرء بأنه في قلب عملية التغيير الاجتماعي مع أنه في الحقيقة مجرد متفرج معلق.

- كثرة المتورطين :
يجب ألا يدفعنا كثرة المتورطين فيها للسكوت عنها أو الوقوع فيها بعد أن كنا قد غشياناها لحل وثاق أسراها، وقد كان المسيري يشتغل في موسوعته من السادسة صباحا حتى الثانية عشرة مساء، وعكف على المشروع ثلاثين عاماً، وقد أخبر أنه مارس الانفصال المؤقت والانغلاق النسبي والعزلة النسبية وتحاشى الكتابة الحدثية الدورية من أجل التفرغ لمشروعاته الكبرى.

-  الاستنامة للواقع:
الظن بأن حمل هموم الأمة والتحرق على قضاياها يستلزم الاستغراق في متابعة الواقع وأحداثه، ويتوهم أنه في كبد مشروعات الإصلاح بينما هو واضع يده على ذقنه فوق أريكة المشاهدين لا غير.

- فكرة الصوم عن الأخبار:
باعتبار أن نشرات الأنباء متلهفة لبث أنباء الكوارث والحروب والصراعات مما يغذي المشاعر السلبية، وقد ورد عن مطرف الشخير أنه قال : ( لبثت في فتنة الزبير تسعاً أو سبعا ما أخبرت فيها بخبر ولا استخبرت عن خبر).

- امتيازات الفتوة العلمية:
مرحلة الشاب مرحلة ذهبية لا تتكرر للتحصيل العلمي، فالذاكرة العلمية في أسعد لحظات فتوتها قال النخعي : (ماحفظت وأنا شاب فكأني أنظر اليه في قرطاس)، كما أنها سريعة التقضي والتنصل، كالظل سريع الزوال.

-  الغيرة على الزمن : الوقت أعز شيء عليه يغار عليه.

- التعامل مع الزمن كأنفاس:
قال ابن القيم : الأوقات تعد بالأنفاس، وقال ابن الجوزي : وكل نفس خزانة فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم، وقال ابن الجوزي: العمر أنفاس تسير، بل تطير.

- القياس إلى فضول العلم:
إذا كان كثير من أهل العلم قد حذّروا من الانشغال بفضول العلم الشرعي وملحه والتزهيد بالعلم الذي لا يتبعه عمل، كالاستكثار من أسانيد الأحاديث الثابتة ووحشي اللغة، والفروع النادرة، مع أنها متصلة بعلوم الشريعة فكيف بجدالات وممحكات الشبكات الاجتماعية!

- مصارف طاقة التفكير:
التفكير ليس رصيدا بسقف مفتوح، بل له قدر محدود مآله النضوب، فمن المهم أن يكون في أفضل مصارفه، قال الماوردي : اجعل ما منّ الله به عليك من صحة القريحة وسرعة الخاطر مصروفاً إلى علم ما يكون إنفاق خاطرك فيه مذخوراً ، وكدّ فكرك فيه مشكوراً)

-  استبحار العلم :
ليستحضر المرء أن صلب العلم وأصوله لا يستوعبه العمر، وتتصرم السنوات وهو لم يشبع نهمته منه، ولا حقق خططه في استيفاء مسائله، ولذا بات القبول بالتخصص العلمي اليوم حقيقة فرضت نفسها إكراها لا اختيارا، ولم يعد الوقت كافياً للإلمام بعلم واحد بل لتخصص محدد في علم محدد، فكيف يذهب ذلك الوقت القليل الذي ظننا به على العلم الواحد إلى جزء منه، كيف يذهب في مالاطائل من ورائه؟

وأخيراً
- يجب أن لا نستسلم لحالة الانجراف في دوامة الماجريات بسبب تتابع الناس على ذلك.
- يجب أن يكون هناك نقطة توقف تعاد فيها الحسابات بشكل دقيق، إذ جمعية القلب على الله تتبعثر، والكتب المشتراة على حالها منذ آماد، والإنتاج الإصلاحي قد تجمد، وآل الأمر إلى كثرة الكلام وقلة العمل فلا شيء أكثر حزنا من توهم الماجرياتي أنه في قلب عملية التغيير، وفقة الواقع بينما هو متفرج فحسب.

متعلقات بالكتاب:


العلامات الخفيّة لاضطراب الغدة الدرقية

0


يميل العامة إلى الاهتمام والتركيز على مشاكل الهرمونات الجنسيّة الرئيسيّة : هرمون الاستروجين وهرمون التستوستيرون. إلا أنه قد يكون من الأفضل لنا إعطاء المزيد من الاهتمام إلى اضطراب الغدد الصمّاء الأكثر شيوعاً، كالمستويات غير الطبيعية من هرمون الغدة الدرقية.

اضطرابات الغدة الدرقية يمكن أن تؤثر على نطاق واسع من وظائف الجسم، والتي قد تسببّ مجموعة من الأعراض المربكِة التي غالباً ما يُخطأ في تشخيصها.

لأن الغدة الدرقية -وهي الغدة الصغيرة في الرقبة وراء الحنجرة- تنظم إنتاج الطاقة والتمثيل الغذائي في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك القلب والدماغ والجلد والأمعاء ودرجة حرارة الجسم، فإنّ الكثير أو القليل جداً من هرموناتها يمكن أن يكون لهُ تأثير كبير على الصحة.

ومع ذلك، فإن اختبارات الدم الروتينية تفشل في الكشف عن نقص هرمون الغدة الدرقية، مما يترك المرضى دون تفسير دقيق لأعراضهم. ويمكن أن تشمل هذه الأعراض التعب المفرط، والاكتئاب، وفقدان الشعر، وزيادة الوزن غير المبرر، والإمساك، ومشاكل النوم، التشوّش والقلق. كما قد تواجه النساء في سن الإنجاب صعوبة في الحمل أو الحفاظ على الحمل.

على الرغم من أن اضطرابات الغدة الدرقية هي أكثر شيوعاً في البالغين، إلا أن الأطفال الذين يعتمد نموهم المعرفي والجسدي عى وظيفة الغدة الدرقية العادية قد لا تكون مستويات الهرمونات لديهم طبيعيّة. في مقالِ نُشر في العام الماضي في"جاما لطب الأطفال"، ضغط الأطباء من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا على الأطباء في الرعاية الأولية للاعتراف وإدراك مرض الغدة الدرقية في مرحلة الطفولة وبدء العلاج في وقت مبكر من لضمان نمو طبيعي.

إنّ أعراض اختلال الغدة الدرقية تختلف على نطاق واسع من شخص لآخر وتميل إلى التطور تدريجياً، لذلك قد لا تظهر للمرضى والأطباء كمشكلة تحتاج للكشف والعلاج.
فقصور الغدة الدرقية - أي أن مستويات الهرمون منخفضة - على وجه الخصوص غالباً ما تشخص خطأ، حيث أن أعراضها تشبه أعراض أمراض أخرى وأحياناً تبدو كآثار طبيعيّة للتقدم في العمر.

في الواقع، خطر قصور الغدة الدرقية يرتفع مع التقدم في السن. 20٪ من الناس الذينَ تجاوزوا عمر الـ75، ومعظمهم من النساء، يفتقرون إلى مستويات كافية من هرمون الغدة الدرقية، وغالباً ما يُخلط بين ذلك وبين أعراض الخرف.

أما ما تشمله أعراض الغدة الدرقيّة المفرطة، - أي فرط نشاط الغدة الدرقية- ، هو فقدان الوزن، وزيادة الشهية، والقلق، والأرق وخفقان القلب، بما في ذلك الرجفان الأذيني، وهو عامل خطر للسكتة الدماغية. ومع ذلك، كما هو الحال مع حالات انخفاض نشاط الغدة الدرقية، قد يفتقر كبار السن إلى أعراض واضحة في حال الزيادة ويظلون غير مشخصين.

والإفراط في إنتاج أو نقص إنتاج هرمون الغدة الدرقية يصيب ما يصل إلى 20 مليون أمريكي، بما في ذلك عدد غير متناسب من النساء وكبار السن. وتشير التقديرات إلى أن امرأة واحدة من بين كل خمس نساء ممن تبلغ أعمارهن 60 عاماً فأكثر تعاني من بعض أشكال أمراض الغدة الدرقية. وفقاً للدكتور "جيفري مشانيك"، وهو طبيب الغدد الصماء في مدرسة إيكان للطب في نيويورك:
"لسوء الحظ، يظهر على كبار السن عدد أقل من العلامات والأعراض النمطية المرتبطة باضطراب الغدة الدرقية. وهذا يمكن أن يجعل التشخيص صعباً "


تشمل الاختبارات الكاملة لوظيفة الغدة الدرقية ثلاثة قياسات: لهرمون هرمون الغدة الدرقية (T4) والثيودوثيرونين (T3) التي تنتجها الغدة الدرقية نفسها، والهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH، ويُسمى أيضا ثيروتروبين) الذي تنتجهُ الغدة النخامية لتنظيم الغدة الدرقية.

إنتاج هرمونات الغدة الدرقية يحتاج لتوفرّ اليود في النظام الغذائي، ويوجد اليود بكميات عالية في الملح المعالج باليود والبيض والخضروات البحرية مثل عشب البحر، والأسماك والمحار ومنتجات الألبان غير المبسترة.


وإذا كان مستوى هرمون تحفيز الغدة الدرقية منخفضاً (ما يسمى بفرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري)، يمكن أن تنتج حينها مشاكل خطيرة حتّى وإن كانت مستويات الدم من هرمون الغدة الدرقية طبيعية.

في دراسة سويسرية شملت 70،298 رجلاً وامرأة ، من بين 2،219 الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري، كان خطر الكسور - وخاصة كسور الورك - مرتفعاً بشكل ملحوظ.


وبالمثل، فإن قصور الغدة الدرقية دون السريري (مستويات طبيعية من هرمون الغدة الدرقية ولكن الكثير من الهرمونات المحفزة للغدة الدرقية) قد يزيد من خطر الإصابة بمشاكل في القلب، خاصة لدى البالغين الشباب ومتوسطي الأعمار. ويكمن علاج هذه الحالة بعقار الليفوثيروكسين الذي قد يقلل من هذا الخطر، وفقا لدراسة بريطانية.


وعلى الرغم من أن فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية التابعة للولايات المتحدة لم تجد حتى الآن أدلة كافية لتوصية الفحص الروتيني الدرقي للأشخاص الذين ليس لديهم أعراض واضحة، فإن الرابطة الأمريكية لأخصائيي الغدد الصماء السريرية تعتقد أن مستويات الغدة الدرقية يجب أن تقاس بشكل روتيني لدى كبار السن، وخاصة النساء. وتوصي جمعية الغدة الدرقية الأمريكية فحص البالغين لهرمون TSH ابتداء من سن 35 وتكرار الاختبار كل خمس سنوات. ويعتقد الخبراء أن ما بين 40 فى المائة و 60 فى المائة من المصابين بأمراض الغدة الدرقية لا يعرفون أن لديهم هذا المرض. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التشخيص السليم والعلاج البسيط نسبياً لمستويات الغدة الدرقية غير الطبيعية إلى تحسن كبير في نوعية الحياة.


وُجدَ أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات منخفضة من هرمون الغدة الدرقية يمكن أن يعالجوا بسهولة بحبوب الليفوثيروكسين (غالباً ما يكون اسمها التجاري سينثرويد و ليفوكسيل)، بدءاً من جرعة منخفضة ثم زيادة الكمية تدريجياً (أو تناقصها) حسب التشخيص الدقيق. وغالباً ما يُلاحظ المرضى تقلّصاً في الأعراض بعد حوالي أسبوعين من العلاج بالهرمونات. ومع ذلك، فإن تشخيص قصور الغدة الدرقية دون السريري يمكن أن يكون صعباً. وقد لاحظ الدكتور روبن بيترز من مركز إيراسموس الطبي في هولندا مؤخراً - كما ذُكر في مجلة نيو إنجلاند للطب- أن حوالي 75 في المئة من المرضى الذين يعانون من هذه الحالة، تشير نتائج فحوصاتهم إلى فشل في الغدة الدرقية فقط، وهو ما قد لا يعتبره الأطباء خطيراً.

وفي الواقع، وجدت دراسة حديثة شملت 700 من البالغين الذين تتراوح أعمارهم من 65 سنة وأكثر والذين يعانون من قصور في الغدة الدرقية دون السريري، أنهُ لا يوجد أي فائدة من علاج هرمون الغدة الدرقية.
وينبغي على المرضى مناقشة أي آثار جانبية للعلاج التي قد تتطور مع الطبيب الواصف للعلاج، لأنها قد تشير إلى جرعة غير لائقة. لاحظ أيضاً أن الاستخدام المنتظم لمضادات الحموضة يمكن أن يتداخل مع امتصاص الجسم لأدوية الغدة الدرقية، ولمنع تأثير مماثل من مكمّلات الكالسيوم ينبغي أن تؤخذ في وقت مُنفصل من اليوم.
وإذا كان الجسم يفرط في إنتاج هرمون الغدة الدرقية، الذي قد تكون ناجماً عن نمو غير طبيعي يسمى عقد الغدة الدرقية، فإن الأدوية المضادة للغدة الدرقية مثل ميثيمازول (تابازول) يمكن أن تمنع ذلك الإنتاج الزائد. إضافة لليود المشع، حيث يؤخذ عن طريق الفم كسائل أو كبسولة، ويمكن أن يستخدم لتدمير خلايا الغدة الدرقية. وإذا -كنتيجة للعلاج- توقفت الغدة عن العمل، يصبح حينها العلاج بالهرمونات الاصطناعية ضروريّاً على مدى الحياة.

هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت  

المصدر:

https://www.nytimes.com/2017/07/24/well/live/the-subtle-signs-of-a-thyroid-disorder.html?mabReward=ART_TS2&recp=0&moduleDetail=recommendations-0&action=click&contentCollection=Fashion%20%26%20Style&region=Footer&module=WhatsNext&version=WhatsNext&contentID=WhatsNext&src=recg&pgtype=article


لا تعمل في مشروع ناشئ!

0



لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت لا تريد أن تفكر في العمل قبل الثامنة صباحاً أو بعد الخامسة مساءً. فببساطة لا يوجد ما يكفي من الأشخاص للقيام بكل ما يلزم القيام به لتحقيق الأهداف المكافِحة، وبالتّالي فإن عبء العمل الثقيل أمرٌ لا مفر منه. الأمر لا يتعلّق فقط بقضاء وقت متأخر من الليل في المكتب - بل حتّى إرسال الرسائل الإلكترونية خلال ساعات الفرح، والتشتّت بقائمةٍ لا نهائية من قوائم العمل حتى في الطريق وقبل النوم.


لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت تبحث عن وسيلة سريعة لكسب المال. صحيح أنه قد تمّ سحق ألف مليونير في يوم اكتتاب الفيسبوك ولكن دعونا نواجه الحقيقة، قد لا تكون أمورك مماثلة لشركة الفيسبوك؟!. ليس فقط لأن معظم الشركات الناشئة تفشل، ولكن حتى تلك "الناجحة" لا ينهمر عليها المال بقدر ما تكسب شركة الفيسبوك أو بحجم ما تملك جوجل. معظم الشركات الناشئة تدفع رواتب أقل مما تدفعهُ الشركات التكنولوجيّة العملاقة، والتنازل عن ميزة من أجل الحصول على أخرى هو القيمة المحتملة لخيارات أسهمك. والتي قد تكون في النهاية لا تُساوي شيئاً، ويجب أن تعرف هذا قبل أن تتخذ قرار المضاربة.


لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت ترغب في الحفاظ على الأمور الشخصية والأمور المهنية منفصلين تماماً. يمكنك الابتعاد عن ذلك في الشّركات العادية بحيث تبقى مهنيّا حازماً. لكن في الشركات الناشئة، فريقك هم من تقضي معهم معظم ساعات عملك. ليس ذلك فحسب، هم من يجعلونك تضحك ويرونَك تبكي، وهم من يدفعونك ويشجعونك حين تقابلُ تحدٍ تظنّ أنّك عنده وصلت حدودك. هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد زملاء عمل؛ إنهم أصدقائك، وربّما بعضهم قد يكون لك حياة.


لا تعمل في مشروع ناشئ للهروب من وظيفة مُخيفة أو غير مرضية. اسأل نفسك إذا كنت مستعداً حقاً للساعات الطويلة والمكثّفة، وهل ستجد نفسك مُهتمّاً بالعمل؟ عندما تشعر أنك عالق في مكان عمل غير ملهم، سيبدو العشب على الجانب الآخر أكثَر اخضراراً . ولكن في الواقع، المشاريع الناشئة = "العمل الجاد".


لا تعمل من مشروع ناشئ إذا كنت فقط تريد أن تكون جزءاً من "الشيء الكبير المقبل". بناء الأعمال التجارية الجيدة يستغرق سنوات عديدة. وراء كل شركة عملاقة سنوات عديدة من الكدح والطّحن على الموظفين الذين لم يُعرفوا والذين لم يحصلوا على ما يكفي من السّمعة والمال. وقد اعتُبرت بعض الشركات الأكثر نجاحاً غير ملفتة وغير واقعية عندما بدأت لأول مرة. ولكن في النهاية، تفوّقت على أولئك الذين كانت لديهم نماذج أعمال تُرى لامعة وعصرية في ذلك الوقت.


لا تعمل في مشروع ناشئ إذا وجدت الغموض المستمر مقلقاً. ابتداءً من التفاعلات اليوميّة، وصولاً لعدم معرفة ما إذا كانت الشركة ستظلّ موجودة بعد ستة أشهر من الآن أم لا، حيث الشعور بعدم الاستقرار لا يغادرك. تخيل أنك سألت رئيسك سؤالاً، وبدلاً من الإجابة، يقول: "أنا لا أعرف، لما لا تبحث عن ذلك؟" بصراحة، كيف سيكون رد فعلك؟ إذا وجدت النقص الحاد في التوجيه شاقاً، قد يكون العمل في مشروع ناشئ حينها مهلكاً لك. هناك مقولة لكنّها صحيحة تقول:  في المشاريع الناشئة، الشيء الوحيد الثابت هو التغيير.


لا تعمل في مشروع ناشئ  إذا كنت تسعى للحصول على مسمّى وظيفي برّاق، أو مكتب مميّز، أو أي علامة أخرى من علامات القيادة التقليدية التي علمنا آباؤنا أنّ لها قيمة. في حياة المشاريع الناشئة يتطلب العمل ضبط النفس للتغلّب على الضوضاء والتركيز على المكاسب طويلة الأجل. عدد قليل جداً منا قد يكون "مارك زوكربيرج" المقبل. كما أن الكثير قد يتخوّف من مسار حياتهِ المهنية خاصة وهو مُحاط بمؤسسين لم يتجاوزوا 24 عاماً إلا أنّ الشعور بالأمان من خلال معرفة أنّك تقوم بتأثير وأنّك تنمّي مهاراتك هو ما يجعلك ناجحاً - وليس كما يقول أولئك المعجبون بما تحملهُ باقة عملك-.


بدلا من ذلك، اعمل في مشروعٍ ناشئي لأنه من المحتمل أن يكون الوقت الأكثر ازدهاراً في حياتك المهنيّة. مع الأخذ بالأسباب الصحيحة والمواءمة، قد تكون حقاً تجربة لتحديد مسارك المهني. سنة واحدة في مشروع ناشئ قوي، قد يوفر تجارباً وتعلّماً يُعادل فترة أطول بكثير من العمل في أي شركة.

نحن نجعل من مكاتب الملكية الفكرية مثاليّة، ونحن من يمجّد آخر عمليّة استحواذ على الملايين، ولكن من المفارقات، أن أفضل الشركات هي التي تم بناؤها بشكل كبير من قبل فرقٍ بذلوا جهوداً، لأنهم يسعون تجاه مهمّة، لا لأنّهم كانوا يطاردون المجد.
 حتى الشركات الناشئة التي أغلقت في نهاية المطاف، قد توفّر للموظفين مستويات لا مثيل لها من النمو، وفرص القيادة، والآفاق الوسعة. وسواء حصل المستثمرون في النهاية على مخرج حلوٍ أم لا، سوف تكسب بعضاً من أكثر السنوات الخالدة التي لا تُنسى في حياتك!




  اعمل في مشروعٍ ناشئ لأنك سوف تخطو بعيداً بالخبرة والثقة لتقوم بشيءٍ أكبر وأفضل. ولا أستطيع أن أتخيل شيئا أكثر قيمة من ذلك يمكنك أن تكسبهُ من عملك.

هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت  

المصدر:

https://medium.com/swlh/dont-work-for-a-startup-e5ea89b4d2a1

يمكن أن تكون الحياة أكثر من مجرّد رحلة!

0

اخُترِع التّعليم النظامي في القرن السابع عشر بهدف تدريب الأطفال على أن يصبحوا عمّالاً أفضل لأصحاب العمل في الصّناعة إلى جانب تدريبهم ليصبحوا مواطنين وذو صلابة، ولقد كانت القدرة على الكتابةِ والقراءة وتحمّل ساعاتٍ طويلة من العمل إحدى المزايا التي يفضّلها أربابُ العمل.

ولقد أحدثت خطوط التجميع في شركة هنري فورد ثورةً في صناعة السيارات، ولكن سرعان ما امتدت هذه الظاهرة إلى طرق أخرى مثل الإسكان والتعليم. وبحلول منتصف القرن العشرين، عاش الجميع في بيوت متماثِلة، وامتلكوا سياراتٍ متماثلة، وذهبوا إلى جامعات متماثلة ودرسوا ذات المنهج.

إنّ من المهم أن يتلقّى الأطفال تدريباً على محتوى متسق، بالإضافة إلى المهارات الخاصة التي قد تُهمّ أرباب العمل مستقبلاً. إلا أنّ الرغبة في الحصول على تعليمٍ مقبول بالنسبة للصناعة أو في سوق العمل، وبالتالي القدرة على الحصول على منزل وسيّارة سرعان ما تحوّل ليكون هو الوضع الطبيعي.

نحن نضع أنفسنا في صناديق

 



"ليتل بوكسس/ الصناديق الصغيرة " ، هي أغنية شعبية على نطاق واسع كتبتها المغنيّة وكاتبة الأغاني والناشطة السياسية مالفينا رينولدز في عام 1962، تشهد على المواقف المُماثلة للطبقة الوسطى في أمريكا. ولقد سلّطت الضوء بشكل ممتاز على كيفية اختيار الجميع لنمط الحياة التي ينشرها الاقتصاد الرأسمالي، وكيف قادت في نهاية المطاف إلى عبادة الشخوص، فأصبحوا كخطّ التجميع.

إن (الصناديق الصغيرة) في هذه الأغنية تشير إلى المنازل التي بنيت بـ "Ticky-tacky" (وهي مادة رخيصة رديئة الصنع عُرفت في 1962)، وبشكل ساخر، هي مشابهةُ للأدوار المحددة مسبقاً في المجتمع الذي يُحشر فيه الجميع في "صندوق" بمجرد تخرجهم من المدارس والجامعات. فللكلّ نفس الطموحاتِ والأحلام وأسلوب الحياة.

ونتيجة لذلك بالنسبة للأطفال الآن، غالبا ما يُتصوّر الطريقُ إلى الأمام ذا شكلٍ خطيّ، فكل خطوة تعتمد على إنجازاتهم السابقة، بدءاً من رياض الأطفال.

لقد تمّ تكييفُنا بأن نعتبرَ حياتنا ناجحة فقط عندما نحقّقُ المعايير الموضوعَة لنا 

من قِبَل المُجتمع.


على سبيل المثال، سؤال الأطفال حول : "ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟" يفترض بطبيعتهِ أن عليهم انتقاء شيء واحد مجموعة محددة مسبقاً، وبشكل مأساوي، فإنه يغذي أيضاً فكرة أنه من المُحتّم التفكير بالحياة في هذا المسار؛ المسار الّذي أقصى أهدافه هو تولّي دور في المجتمع. إنّ المستقبل الذي نطلب منهم التفكّر فيه والطموح الذي نحاول إشعالهُ فيهم لا يتجاوز ذلك. فليس هناك حديثُ عن الشّغف والمساهمة والاختراع والأفكار والاستكشاف والقوى الخارقة ..إلخ

وما إذا كان علينا أن نختار تشبيهاً للحياة، فإنّ في كثير من الأحيان لن نقول بأنّها كرحلة، وإنّما مسار خطي إلى الأمام إلى وجهةٍ نأمل أن تكون هي هدفنا.

إنّ الكثير منا يشعر بأنّه عالق، لأننا نضع الكثير من الضغط على أنفسنا للعثور على هذا الهدف أو الوجهة. كما أنّ الخوف من عدم القدرة على رؤية المسار خطاً متسقيماً لتحقيق ذلك الهدف يشلّنا.

إطار العمل


إنّ كلاً من المشكلة والحل يكمن في "الإطار". الإطار -كما أعرّفهُ أنا- هو بنية فضفاضة يمكننا أن نرى حياتنا (أو جزء منها) من خلالها. إنهُ الفلسفة أو الفلسفات التي غالباً ما تكون مفهومة وواضحةً لتجسيد حياتنا بشكل استباقي وبأثر رجعي. وبما أن إطارنا الافتراضي هو "المسار الخطي" أو "الرحلة" للوصول إلى نمط الحياة هذا، فإننا نقوم بوعي وبلا وعي بأفعالٍ من عاداتنا اليوميّة وحياتنا نحو هذا الإطار. ولكن إذا سمحنا لأنفسنا بأنّ نصنع ونختار ونُغيّر أُطرَ حياتنا، فإننا سنُمكّن أنفسنا من تولي مسؤولية ما نلتزم به وما نعمل من أجله. فنحن قادرون على أن نعبر عن اهتماماتنا، غرائزنا ومصالحنا التي كثيراً ما يتم التخلي عنها من أجل إفساح المجال لسيرة ذاتية متّسقة.

يتزايدُ عدد الأشخاصِ الذين يكسرون القوالبَ والصّناديق الاجتماعية. وإنّ ازدهار ثقافة المشاريع الناشئة هو مثال واضح جداً على أن الناس على استعداد لتحمّل المخاطر والعمل على ما يعتقدون أن لديهم الإمكانات لعمله. إنّ القاعدة العامة للنمو والتعلم الآن، هي تغيير الوظائف بشكل دوري، كل سنتين أو نحو ذلك. حيثُ يحاول المهنيون الشباب الحصول على مزيد من التواصل مع ما يؤمنون به ويحاولون مواءمته مع الوسائل العمليّة لكسب الرزق. ومع ذلك، مازال هناك الكثير من الحالات التي نشعر فيها بأنّنا عالقون جميعاً، وإعادة تقييم أُطرنا قد يُساعد:

- "أنا لست متأكداً من الخطوة التالية" - تذّكر كتاب قصص قصيرة

 إنّ ضغط عدم اتخاذ قرارٍ يحتملُ الخطأَ يؤثّر علينا، لذا عامل كلّ تغييرٍ كبير كفصل في كتاب، لا شيءَ دائم!


- "أنا فقط أعرف أنني أحب ..." - ازرع البذور!

بعض العواطف أو العادات يمكن أن تكون بذوراً لعملٍ أكثر استدامة. لا تقلل من قيمتها. ازرعها في العالم، واجعلها تنمو بكلّ المهارات والقوة التي تملكها.


- "أحب أن أفعل أشياء كثيرة جدا!" - قسّم الشخصيّة!

 هذهِ إحدى المشاكل الكبيرة. كونك تحبّ عدّة أشياء ليس أمراً سيئاً وإنما يعني أنّك ترغب في تذوّق أصناف فواكه الحياة الموضوعة في طريقك. قسّم يومك، أسبوعك، شهرك أو حتى السنة إلى القيام بأشياء محددة أنت قد اخترتها. "كبير سهغال" هو استراتيجي للشركات و ضابط في احتياطي البحريّة الأمريكيّة، ومؤلف العديد من الكتب، ومنتج تسجلات. 


 - "أنا مدفوع بقوّة تجاه قضيّة" - كن مهندساً!

 كن مهندسَ رؤيتك. إنّ الحلم بإنقاذ العالم هو حلمٌ عظيم، ولكن الأهمّ أن لا تُسحق بِه! ابدأ ببناء مبانٍ أصغر بدلاً من البدء بناطحةِ سحاب. سونال كابور ذو تأثيرٍ كبير بقيامهِ بأمر بسيط وهو تدريس التصوير الفوتوغرافي لفتياتِ الأحياء الفقيرة.


 "لم أجد الشيء الصحيح" - اصنع شيئاً جديداً !

إذا كنت تعتقد أن العالم ليس لديه ما قد تبحث عنه، فاصنع دوركَ الخاص. اصنعَ فطيرتكَ الخاصّة. اجمع المكونات الصحيحة وقررّ كيف تريد وضعها. شاهد كيف قامت الفنانة والمصممة إميلي بالتز بالجمع بين حبها للفن والتصميم والطعام والحواس.

هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت  


المصدر:

https://www.linkedin.com/pulse/life-can-more-than-journey-vidhi-goel


نهَاية التّأمل

2



في عهد سابق، كانت هناك الكثير من اللحظات خلال يومي ​​التي تفتقرُ فيهِ إلى موادٍ قرائية مطبوعة، وقد كانت تشُغلُ بالتفكير أو مراقبة محيطي: حين المشي أو الانتظار في مكان ما، خلال ركوب المترو، وعند الاستلقاء على السرير غير قادرٍ على النوم أو قبل حشدِ الطاقة للاستيقاظ.
 الآن، على الرغم من ذلك، غالباً ما أجد نفسي في هذه الحالات التقطُ هاتفي للتحقق من الإشعارات، أتصفح الإنترنت أو أقرأ بعض النصوص فيه، أو استخدام تطبيقاً أو أستمعُ إلى تسجيل صوتي (أو- في مناسبات نادرة- أنخرطُ في مكالمة هاتفيّة قديمة الطراز).
 آخر مكانٍ متبقٍ أضمن فيه وجودي وحيداً مع أفكاري هو حوض الاستحمام.
 
قال نيكولاس كار، مؤلف كتاب "The Shallows":

" إنّ العثور على لحظاتٍ للانخراط في التفكير التأملي لطالما كانت دوماً تحدياً، لأننا قابلون للتشتيت"

ولكن الآن، بعد أن حملنا هذه الأجهزة الإعلامية القوية معنا طوال اليوم، فإن تلك الفرص تصبح أقل حضوراً، لسبب بسيط، هو أن لدينا هذه القدرة على تشتيت أنفسنا باستمرار ".

إنّ المرونة العصبية (أو قدرة الدماغ على التغيير) بسبب الاستخدام التكنولوجي يعدّ موضوعاً ساخناً.
 وعادة ما يكون ذا أصداءٍ مثيرة للقلق، وإن كانت متفائلة أحياناً.

خذ على سبيل المثال ألعاب الفيديو:
كشفت إحدى الدراسات عن تحسينات في الذاكرة والتركيز على كبار السن عند لعب لعبة سباق طريق بسيطة. في دراسة أخرى، لعب لعبة سوبر ماريو 64 لوحظ أنّه يؤدي إلى زيادة في المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالذاكرة والتخطيط، والتصوّر المكاني. ولكن هذه القدرات الاستنباطيّة تختلف عن التأملات المحتجزة عقلياً.
 في العالم الذي نادراً ما يكون الهاتف أو الكمبيوتر أبعد من طول ذراع، هل نقضي على التأمل في الأوقات التي قد تفضي إلى ذلك؟ وهل عمق هذا الانعكاس قد يعرضُنا للخطر لأننا قمنا بإعادة تدريب أنفسنا للبحث عن الإشباع الفوري للمثيرات الخارجية؟

 هناك قلّة من الدراسات العلميّة العصبية تكشف عن مدى اعتمادنا على أجهزتنا الإلكترونية وكيف نقوم من خلال أفعالنا بإضعاف قدرتنا التأمليّة، ورقة بحثيّة في مجلة بلوس عام 2015، قامت بقياس استخدام الهاتف الذكي من خلال تطبيق بمشاركة مجموعة تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 33، وقد طلب منهم أيضاً أن يقدموا تقريرا عن توقّعاتم وتقديراتهم.



إذا كانت البيانات تعطي أي مؤشر، فإنّ معظمنا يستخدم الهواتف أكثر مما نعتقد: 

قدّر المشاركون استخدامهم للهاتف بحوالي ​​37 استخداماً في المتوسط على مدار اليوم (يتضمن عمل أي شيء على الشاشة، ابتداء ًمن اختيار زرّ الغفوة إلى إجراء مكالمة)، ولكن العدد الفعلي كان حوالي 85. واستغرقت الأغلبية الطفيفة أقل من 30 ثانية. (كما قلل المشاركون من مدة الاستخدام بنحو ساعة - وكان المجموع الحقيقي 5.05 ساعات - والتي شملت المكالمات الهاتفية والاستماع إلى الموسيقى عندما كانت الشاشة مقفلة.)

إذا كنت مستيقظا لمدة 16 ساعة، فتشغيلك أو تفقّد لهاتفك 85 مرة يعني القيام بذلك مرة واحدة كل 11 دقيقة (ولا يُحتسب استخدام الإنترنت على جهاز الكمبيوتر)، و 5.05 ساعات تعني أكثر من 30 في المئة من يومك
. 
ما الذي يمكن أن يكون له تأثير على التأمل كهذا السلوك الذي لا يقاوم؟

 في عام 2010، نشر باحثون برئاسة الدكتور ستيفن فليمينغ في مركز ويلكوم ترست للتصوير العصبي في كلية لندن ورقة بحثية في مجلة سينس ربطوا فيها القدرة الاستبطانية (إدراك الذّات) مع كمية المادة الرمادية في قشرة الفص الجبهي. (وقد تم تعريف القدرة الاستبطانية للدراسة على أنها دقة قياس أداء المرء على مهمة التّصور البصري، كعلامة على ما وراء الإدراك، أو "التفكير في التفكير").


باستخدام هذه المعلومات حول قشرة الفصّ الجبهي، نشر "براين مانسكالكو" و "هاكوان لاو " ورقةبحثيّة عن علم أعصاب الإدراك في عام 2015 والتي قاست القدرة الاستبطانية في حين كانت الموضوعات إما قادرة على التركيز على مهمة واحدة أو مشتّتة بمهمة ثانية صعبة.

إلا أنّ التشتت بالمهمّة الثانية لم يضر بالأداء الفعلي في المهمة الأولى، ولكنه أدى إلى إعاقة القدرة الاستبطاية (الإدراك الذاتي) عند الأشخاص (من خلال الإبلاغ الذاتي عن كيفية أدائهم بدقّة). ويدعم هذا الاستنتاج الأدلة السابقة الواسعة الانتشار على أن تعدد المهام يؤدي إلى انخفاض الأداء الاستبطاني. (مع دراسات أخرى تظهر بعض الآثار المفيدة من تعدد المهام)

لذلك، قال الدكتور فليمينغ: "إذا كنا نفكر في التنقل في العالم - جسدياً، أو عقلياً، عند التأمّل في شيء - باعتباره" المهمة الأولى "والنظر في هاتف أحدٍ ما على أنه" المهمة الثانية "، فإننا نجد أن هذا الأخير يعيق قدرتنا على التأمل.


 وقال: "إنّ قشرة الفص الجبهي جيدة في القيام بشيء واحد في الوقت الواحد".

و "إذا وضعت الناس في وضع المهام المزدوجة، ستجد أن جزءاً من السبب في أن تصبح الأمور ضعيفة هو أن المهمة الثانوية تتداخل مع الوظائف التي ينطوي عليها التأمل."

ويبدو من البديهي أن نقول أننا على مقتبل مرحلة ثقافية غير تأمّلية، حيثُ  يميل عصرنا إلى أن يكونَ منتَقداً بسبب امتصاصه الذاتي. ولكن روحانيتنا في كثير من الأحيان تعطي تعبيراً ينبثق للخارج بدلاً من الاستكشاف الداخلي، مع التركيز أكثر
على الصور من أي وقت مضى. وعندما يكون هناك نص، فإنّ وسائل الإعلام الجديدة مثل الإنستجرام تقوم عادة بتهميش دور اللغة.

وفيما يخص نسبة معينة من البشر، فإنّ الأفكار الخاصة التي قد تمّ الاحتفاظ بها في عمر ما قبل الهاتف الذكي، يتم إلقاؤها الآن في منتدى عام. 

وعلاوة على ذلك، فإن الإنترنت عادة ما يضع السرعة فوق أي شيء آخر،  وشهيتنا للسرعة تتزايد فقط مع تحسن معدل نقل البيانات. في عام 2006، وجدت فورستر للأبحاث، أن المتسوقين عبر الإنترنت يتوقعون أن تتم عملية تحميل صفحات الويب في أقل من أربع ثوان، وبعد ثلاث سنوات، قفز الرّقم إلى ثانيتين؛ وقد أدت صفحات الويب البطيئة الكثير من المتسوقين إلى البحث في أماكن أخرى. 

وبحلول عام 2012، اكتشف مهندسو غوغل أنه عندما يستغرق زمن ظهور نتائج البحث فترة أطول من خُمسي الثانية، فإن عمليّة البحث تقل من قبل الأشخاص، كما أن تخلّف رُبع ثانية عن موقعٍ منافس يمكن أن يدفع بالمستخدمين بعيداً. 

وقال كار "هذا يدلّ على الطريقة التي تزيد فيها تقنياتنا من كثافة المثيرات الخارجية وتدفق الأشياء الجديدة، ونحن بدورنا نتكيف مع هذه الوتيرة". وأضاف "إننا اصبحنا أقل صبراً. فعندما تأتي لحظات دون مثيرات خارجية، نبدأ في الشعور بالذعر ولا نعرف ما يجب القيام به مع هذه اللحظات، لأننا دُرّبنا على أن نتوقع هذا التحفيز أو المثيرات -( إشعارت وتنبيهات جديدة وهلم جرا..)


"ما يترجم هذا في سياق خطاب الإنترنت هو الطلب الفوري و السطحي "للأخذ بسرعة" عوضاً عن الأحكام المتأنيّة والموزونة، سواء كان ذلك حول مسائل خطيرة أو حتّى سطحية.

كما أشار السيد كار إلى وجود حججٍ مضادة:
إن صياغة أفكار بسيطة نسبياً على شبكة الإنترنت يمكن أن تُسفر عن أفكارٍ أكثر تعقيداً من خلال التبادلات مع الآخرين في الوقت الفعلي، والأشخاص الذين يتمثّل رد فعلهم بنشر رأي أو فكرة على عجل بدلا من تقييدها، لربّما لم يكونوا المفكرين الأكثر وعياً، حتّى في وقت ما قبل الهاتف الذكي.

 بيد أنّه يرى أنّ اتجاهنا الحالي يعدّ مؤشراً على "فقدان العقل التأملي.

 "لقد اعتمدنا نموذج غوغل المثالي للعقل، وهو إن كان لديك سؤال ما يمكنك الإجابة عليه بسرعة:
 أسئلة دقيقة ومحددة جيداً.يٌفتقد في هذا المفهوم أن هناك أيضا هذه الطريقة ذات النهاية المفتوحة للتفكير، حيث أنّك لا تحاول دائما إيجاد جواب لسؤال، وإنّما تحاول أن تذهب حيث يقودك تفكيرك. كمجتمع، نقول إن طريقة التفكير هذه لم تعد مهمةً بعد الآن. حيثُ أنّها غير فعالة ".

لاحظ السيد كار أنه على مدى عقود، كانت منحوتة "رودي 1902 -"المفكر" تجسد أعلى شكل من أشكال التأمل، شخصية ذات هيئة جسديّة مهيبة، تحدّق بتفكّر للأسفل، محدودِب الظهر مانعاً أي مشتتات، مجمد لأنهُ تمثال، بطبيعة الحال، ولكن أيضاً لأن المفكرين بعمق بحاجة إلى وقتٍ ولا يتملمون.  

من الصعب أن نتخيل تحديثاً عصريّاً لهذا المجسم ،يسمّى "المغرّد The tweeter"، أن يكون ملهماً حقاً!




هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت 

المصدر:

https://www.nytimes.com/2016/06/12/fashion/internet-technology-phones-introspection.html

لماذا المسلمون هم المجموعة الدينية الأسرع نمواً في العالم؟

0

في غضون نصف قرن أو نحو ذلك، قد تنتهي فترة حكم المسيحيّة الطويلة كأكبر دين في العالم، وفقاً لتقرير صدر لتوّه لمركز بيو للأبحاث يستند إلى توقعات النمو السكاني للجماعات الدينيّة، أن عدد المسلمين في الحقيقة سيتزايد إلى ضعف سرعة زيادة سكان العالم الإجمالي بين عامي 2015 و2060

وفي النصف الثاني من هذا القرن من المرجّح أن يتجاوز المسلمون المسيحيّن كأكبر جماعة دينية في العالم.
في حين يتوقّع أن ينمو عدد سكن العالم بنسبة 32% في العقود المقبلة، من المتوقع أيضاً أن يزيد عدد المسلمين بنسبة 70% ( أي من 1.8 مليار في عام 2015 إلى ما يقارب من ثلاثة مليارات في عام 2060)


في عام 2015 ، شكّل المسلمون نسبة 24.1% بالنسبة لتعداد السّكان، وبعد خمسة وأربعين عاماً، من المتوقّع أن تشكل النسبة أكثر من 31% من سكان العالم.

إن الأسباب الرئيسية في نهاية المطاف لنمو الإسلام تنطوي على الخصائص الديموغرافيّة البسيطة.

وبادئ ذي بدء، فإن المسلمين لديهم عدد أطفال أكثر من عدد الأطفال لدى السبع الجماعات الدينية الرئيسيّة الأخرى التي تم تحليلها في الدّراسة.

ويبلغ متوسط وضع ​​عدد النساء المسلمات 2.9 طفل، أي أعلى بكثير من ثاني أعلى مجموعة (وهم المسيحيين ويبلغ متوسط عدد الأطفال 2.6) أمّا المتوسط ​​لجميع غير المسلمين (2.2). وفي جميع المناطق الرئيسية التي يوجد بها عدد كبير من المسلمين، تتجاوز خصوبة المسلمين خصوبة غير المسلمين.


وأحد العوامل المساعدة لهذا النمو هو حقيقة أن المسلمين لديهم أصغر متوسط عمر بين كل المجوعات الدينية الرئيسية الأخرى (24 في عام 2015) أي أنّهم أكثر شباباً بأكثر من سبع سنوات عن متوسط أعمار غير المسلمين (32).

وستكون حصة المسلمين أكبر قريباً في المرحلة التي يبدأ فيها الناس في إنجاب أطفال. هذا، ومقترناً بارتفاع معدلات الخصوبة، سيؤدّي إلى تسريع نمو عدد المسلمين.

يتركز أكثر من ثلث عدد المسلمين في أفريقيا والشرق الأوسط، والمناطق التي من المتوقع أن يتزايد فيها عدد السكان. ولكن حتى داخل هذه المناطق ذات النمو المرتفع - فضلا عن غيرها - من المتوقع أن ينمو المسلمون أسرع من أعضاء الجماعات الأخرى. على سبيل المثال، فإن المسلمين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى -في المتوسط- أصغر سناً ولديهم خصوبة أعلى من مجموع سكان المنطقة.
 في الواقع، من المتوقع أن ينمو المسلمون بنسبة كبيرة في كل المناطق باستثناء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث يعيش عدد قليل نسبياً من المسلمين.

نفس الديناميات تعتبر صحيحة في العديد من البلدان حيث يعيش المسلمون بأعداد كبيرة جنباً إلى جنب مع الجماعات الدينية الأخرى. على سبيل المثال، ينمو عدد المسلمين في الهند بمعدل أسرع من غالبية السكان الهندوس في البلاد، ومن المتوقع أن يرتفع من 14.9٪ من سكان الهند عام 2015 إلى 19.4٪ (أو 333 مليون شخص) في عام 2060. وبينما كانت هناك أعداد مماثلة من المسلمين والمسيحيين في نيجيريا اعتباراً من عام 2015، وبما أن المسلمين لديهم أعلى معدلات خصوبة هناك، لذا من المتوقع أن ينمو ليشكّلوا الأغلبية من سكان نيجيريا (60.5٪) في عام 2060.
 وفي الوقت نفسه، فإن التحول الديني - الذي من المتوقع أن يعرقل نمو المسيحيين بنحو 72 مليون نسمة بين عامي 2015 و 2060 - ليس من المتوقع أن يكون له أثر سلبي صافٍ على نمو السكان المسلمين.



هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت


كاتب المقال الأصلي :
Michael Lipka : وهو محرر يركز على الدّين في مركز بيو للأبحاث.
Conrad Hackett: وهو ديموغرافي يركز على الدين في نفس المركز السابق.





ثمّ تتفكّروا

0
وجدتني خارجاً، في ليلٍ لفّ بردائهِ الكون واحتواهُ إليهِ لباساً وسكناً، إلا أنهُ على غير العادة الآن سقيمُ النّسيم. وجدتنِي أُنزّهُ ناظريَّ بين ظلمةٍ يتخللها أنوار، بعضها في الأرض وأبهرُها معلّق في السماء .. قمر تام ..
يُقال: القمر والحُبّ عنِدما لا يتزايدان يتناقصان .. من هذه المقولة يسعني أن أربط بين الأعجوبتين وتجددهما وديمومتهما ..
السّاعة بعد منتصف الليل، ليلة النصف من الشهر . .
وماذا عساني أن فعل في وقتٍ فيه الناس بين نائمُ وهائم وقائم ؟
سوى أن ألتمس نفحات من روحانيّة الليلِ وسكينتهِ، وأستلهم من نورِه المتربّع على عرشهِ وسط جواريهِ من النجوم الكافوريّة ...
"وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ"

في مرأى القمر تتبدّى لي جماليّة وروحانيّة وطمأنينة، جعلت لي علاقة وطيدة معه، ومما يحضرني الآن عن هذا الصّاحب المُسامر في ليّاليَّ، قول الرّحمن تباركَ وتعالى :

﴿فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ﴾




بالنّظر في قصة إبراهيم عليه السلام وفي الآية السّابقة، أجدُ روعة في الطريقة التي قدّم بها القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم مختصراً شاملاً شارحاً لقضيّة التفكير والتأمل..

بدأ ناظراً متأملاً، فاختار كوكباً ثم القمر فالشمس، أي أنه بنظرته تلك للفلك والسّماء ومافيها قد اعتبرَ موجوداتِ الكون مُعطيات للتفكير، ثم ألحق التفكير بتساؤلاتِ النّفس كأداة نقدّية محاولاً الإجابة عنها للإحاطة بالمسألة، فإذا كان القمر (المعطى) إلهاً" ؟ فلماذا أفَل؟ وبما أن التّفكير التأملي يعني التحررَ من قيود الهوى، وغرور العقل، لابد وإن يؤتي ثمارهُ ولو بعد حينٍ، وإن ترامت التساؤلات على قارعة الطريق وتكدّست، وإن طالت المُدة وترسبت المُعتقدات والمفاهيم القديمة ..

ولعلّي التمس في تكمِلة الآية درساً شاملاً .. أن الهداية تقوم بأساسين لا استغناء فيه عن أحدهما عن الآخر، فالأول التّفكر، وهو بمثابة بذل للأسباب وإنارة للعقل .. وثانيهما التوجه إلى "الهادي" بالدّعاء، فلا تكتملُ بدون هديهِ الخطوات، ولابدونهِ ترتبط الأمور، ولا تصل الخطوط إلى النهايات، فالإشارات قد تكون من حولنا والأدلة موجودة، ولا نوفّق للطريق، فكم من مُفكّر ضل، لأن الشطر الثاني من المعادلة مفقود .. كمن وجد فانوساً دون نارٍ وفتيل، فماينفعه حينها الإيجاد "للأداة/الوسيلة" دون مصدر النّور الحقيقي إذا تخبط في الظلام!


#
"فلمّا جن عليه الليل"
ألا يمنحنا هذا أحقيّة القول بأن الليل مخدع الأفكار وسبر الأغوار ؟



***
وفي ذكر إبراهيم أيضاً لنا آية أخرى :

فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ"

نظرتي لهذه الآية تتلخصُ في أن ما بعدَ العزلةِ إلا الخير ..

أّما ما أتى في ذكر العزلة والتفكر فآية جمعتهما معاً لتقدّم لنا حقيبةً من الدروس في سطر!

قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ


أن تقوموا لله .. 


إنّ عمليّة التفكر عمليّة سامية، بها تُشعل المشكاة للوصولِ إلى الحق، ولمّا كان الحق اسماً لله، استلزم درب الوصول إليه أن يكون نقيّاً خالصاً له، فيه التجرد من الأهواء والنزعات..


ولما كانت عملية التفكر وإعمال العقل ضرورة وأساساً للوصول، كان لابد من العزلة مثنى وفرادى ..

وذلك يفسّر أن التفكير لا يحدث وسط الجموع، ولا أمام الجماهير، بل بالانفراد، أو وجود صاحب صادقٍ يسعى هو الآخر لذات الهدف الذي تسعى إليه، حينها يكون وجودهُ معك تكاملاً وتنصاحاً، فيردعك أن نازعك الهوى ويحدّك عن الميلِ عن المسار المٌبتغى ..

في العزلة لا نظير أمامه تنهزم سوى نفسك.. لا منافسة مع آخرَ للظفر، لا هتافات ولا أصوات تلتبسُ بها أصوات عقلك ونداءاتُ قلبك، لا مجال للتّلهفِ لتصفيق الجماهير ولا الانصياعُ لغوائيتها، لا مجاملة أو خجل من أحد، لا يوجد من يهيجيك بالهوى عن الحق .. حينها يتحقق التفكير دون مخاتلة أو غش وخداعٍ للنفس.

درسٌ للتعامل مع أبسط الأشياء وأعمق الأشياء !

أي إننا في مواجهة حقيقة للعقل والقلب..والاحتكام إلى منطق الفطرة..

قال أديسون: " إنّ أفضلَ الأشياء تخرج من التّفكير في عزلةٍ تامّة" ..

وقد سبقهُ القرآن إلى معناها بكل وضوح في نص الآية السّابقة.  

 *** 
العزلة تفكير تعليمي، أو تعليم تفكيري .. لا أعلم أيهما أصح !

ومع ذلك مازال الكثير منّا يلبس العزلة وصاحبها ثوب الهروب من الذات قبل الهروب من المحيط أوالآخر..

والمجتمع -غالباً- يعادي فكرة أن تنشأ العقول أو يتكوّن الأفراد خارجاً أو بعيداً عن أسوار الاجتماعيّة وأحضانها والتمرّد على أفكارها .

#
هل يمثّل الحبس الانفرادي ونفي المخطئين للسجون كنوع من العقاب تفسيراً لنظرة المجتمع للوضع الطبيعي للبشر وللعزلة؟؟


إن تفسيري لكل من ينبذ العزلة نبذاً تاماً هو الانشغال بالأصوات المنبعثةِ من الخارج، وتجاهل كل الضوضاء الداخلية، فالانعزال والهدوء يشكف ذلك الضجيج المسمّى بالتفكير، ذلك السيلان المتدفق، الذي سيؤرّق كل من لم يعتد عليه ليهرب من مواجهتهِ بالانشغال بأي شيءٍ عداه.

****

# بكلمة أخرى :
أعتقد بل أوقِن أن التفّكر في خلق الله هو البداية والأساس لتعليم أسس التفكير القويم،
فابتداءً من أول مراحل التفكير السليم للوصول إلى العلم هو التخلص من الغرور المعرفي، والتفكر في عظمة الخلق ورب الخلق يجلي عن العينِ عمى الغرور ،ويذيبُ العنجهيّة والزّهو، فتصغُر الأشياء من حولك وتتقلّص أمام نفسك حتى تعلم إنك مُجرّد ذرة في هذا الوجود، مهما بلغت، وسيظلّ أقرب نجم إليك في أقاصي السماء أكبر من أن تراه وتستوعبه وتعلم حقيقته، فما بالك بالمخلوقات الأخرى؟ والعلم الذي شمل تلك المخلوقات؟ وما بالك بصاحب العلم وحده المتفرّد به الخلاّق العليم؟


أما ثانيها فهو تعليم للتفكير المنهجي، بالتغلب على العواطف والمشاعر ووزن الأمور بالقسطاس المستقيم ، فعندما يكون القيام لله، سيكون خالياً من شوائب الضلالة بعيداً عن التفكير التبعي المجتمعي الذي يسلم صحّة الأمور للأكثر اتباعاً بغض النظر عن التحقق بعقل لا تابع ولا متبوع ولا معتدٍّ بأهواء وآراء الجمُوع.

وأذكر ما قرأته في كتاب سيكولوجية الجماهير عن التأزييم والتأثير الذي يحدثه العقل الجماهيري على تفكير الأفراد وتضييق دائرة التعمق والتحليل والاستنباط عليهم.

ألا يفسّر هذا مانراه من كون الحكماء مانضجت حكمتهم إلّا في العزلة؟ وأنّ العلماء ماخرجوا بنتاج علمهم وعملهم إلا بعدما ابتعدوا لتخرج أعمالُهم من صميم النفس ؟

ومما يُلاحظ مؤيّداً لفكرة التفكير في معزل، أن القرآن في مجمل آياتهِ يخاطب ب: المؤمنين والناس موجهاً للجماعات نائياً عن التفرد إلا في التفكير ، جاء الأمر بالتّفرد ( أو التثني) ومجانبة العقل الجمعي وتأثيره وغوغائه..
 ولو لاحظنا أيضاً، فالعقل الجمعي في القرآن الكريم مذموم في أغلب المواضع :
 ولكن أكثرهم لا يعلمون، ولا يفقهون ولا يشكرون ولا يعقلون!!

***
#
الوصول للحقيقة يتطلب التفكّر بوعي ، والتفكّر لا يستقيم إلا بالانعزال، والانتزاح عن المحيط والوسط الذي نعيشُ فيه وهجرُ أفكاره ومقولاته، ليصفَى التفكير والتأمل بعيداً عن سلطة العقل الجمعي القاهر وهي عمليّة ليست بهيّنة.


 

الرؤية الضبابيّة لا تنجلي إلا "بواحدة" ..

 عظة واحدة إن تحققت استقام بها التفكير واستنار الطّريق..



اللهم اهدنا إلى نوركَ وأتمم لنا نُورنا كما أتممت هذا البدرَ بنورهِ ..


 

 12:25 ص 
الأثنين 10 يوليو

أرشيف المدوّنة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.