العلامات الخفيّة لاضطراب الغدة الدرقية

0


يميل العامة إلى الاهتمام والتركيز على مشاكل الهرمونات الجنسيّة الرئيسيّة : هرمون الاستروجين وهرمون التستوستيرون. إلا أنه قد يكون من الأفضل لنا إعطاء المزيد من الاهتمام إلى اضطراب الغدد الصمّاء الأكثر شيوعاً، كالمستويات غير الطبيعية من هرمون الغدة الدرقية.

اضطرابات الغدة الدرقية يمكن أن تؤثر على نطاق واسع من وظائف الجسم، والتي قد تسببّ مجموعة من الأعراض المربكِة التي غالباً ما يُخطأ في تشخيصها.

لأن الغدة الدرقية -وهي الغدة الصغيرة في الرقبة وراء الحنجرة- تنظم إنتاج الطاقة والتمثيل الغذائي في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك القلب والدماغ والجلد والأمعاء ودرجة حرارة الجسم، فإنّ الكثير أو القليل جداً من هرموناتها يمكن أن يكون لهُ تأثير كبير على الصحة.

ومع ذلك، فإن اختبارات الدم الروتينية تفشل في الكشف عن نقص هرمون الغدة الدرقية، مما يترك المرضى دون تفسير دقيق لأعراضهم. ويمكن أن تشمل هذه الأعراض التعب المفرط، والاكتئاب، وفقدان الشعر، وزيادة الوزن غير المبرر، والإمساك، ومشاكل النوم، التشوّش والقلق. كما قد تواجه النساء في سن الإنجاب صعوبة في الحمل أو الحفاظ على الحمل.

على الرغم من أن اضطرابات الغدة الدرقية هي أكثر شيوعاً في البالغين، إلا أن الأطفال الذين يعتمد نموهم المعرفي والجسدي عى وظيفة الغدة الدرقية العادية قد لا تكون مستويات الهرمونات لديهم طبيعيّة. في مقالِ نُشر في العام الماضي في"جاما لطب الأطفال"، ضغط الأطباء من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا على الأطباء في الرعاية الأولية للاعتراف وإدراك مرض الغدة الدرقية في مرحلة الطفولة وبدء العلاج في وقت مبكر من لضمان نمو طبيعي.

إنّ أعراض اختلال الغدة الدرقية تختلف على نطاق واسع من شخص لآخر وتميل إلى التطور تدريجياً، لذلك قد لا تظهر للمرضى والأطباء كمشكلة تحتاج للكشف والعلاج.
فقصور الغدة الدرقية - أي أن مستويات الهرمون منخفضة - على وجه الخصوص غالباً ما تشخص خطأ، حيث أن أعراضها تشبه أعراض أمراض أخرى وأحياناً تبدو كآثار طبيعيّة للتقدم في العمر.

في الواقع، خطر قصور الغدة الدرقية يرتفع مع التقدم في السن. 20٪ من الناس الذينَ تجاوزوا عمر الـ75، ومعظمهم من النساء، يفتقرون إلى مستويات كافية من هرمون الغدة الدرقية، وغالباً ما يُخلط بين ذلك وبين أعراض الخرف.

أما ما تشمله أعراض الغدة الدرقيّة المفرطة، - أي فرط نشاط الغدة الدرقية- ، هو فقدان الوزن، وزيادة الشهية، والقلق، والأرق وخفقان القلب، بما في ذلك الرجفان الأذيني، وهو عامل خطر للسكتة الدماغية. ومع ذلك، كما هو الحال مع حالات انخفاض نشاط الغدة الدرقية، قد يفتقر كبار السن إلى أعراض واضحة في حال الزيادة ويظلون غير مشخصين.

والإفراط في إنتاج أو نقص إنتاج هرمون الغدة الدرقية يصيب ما يصل إلى 20 مليون أمريكي، بما في ذلك عدد غير متناسب من النساء وكبار السن. وتشير التقديرات إلى أن امرأة واحدة من بين كل خمس نساء ممن تبلغ أعمارهن 60 عاماً فأكثر تعاني من بعض أشكال أمراض الغدة الدرقية. وفقاً للدكتور "جيفري مشانيك"، وهو طبيب الغدد الصماء في مدرسة إيكان للطب في نيويورك:
"لسوء الحظ، يظهر على كبار السن عدد أقل من العلامات والأعراض النمطية المرتبطة باضطراب الغدة الدرقية. وهذا يمكن أن يجعل التشخيص صعباً "


تشمل الاختبارات الكاملة لوظيفة الغدة الدرقية ثلاثة قياسات: لهرمون هرمون الغدة الدرقية (T4) والثيودوثيرونين (T3) التي تنتجها الغدة الدرقية نفسها، والهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH، ويُسمى أيضا ثيروتروبين) الذي تنتجهُ الغدة النخامية لتنظيم الغدة الدرقية.

إنتاج هرمونات الغدة الدرقية يحتاج لتوفرّ اليود في النظام الغذائي، ويوجد اليود بكميات عالية في الملح المعالج باليود والبيض والخضروات البحرية مثل عشب البحر، والأسماك والمحار ومنتجات الألبان غير المبسترة.


وإذا كان مستوى هرمون تحفيز الغدة الدرقية منخفضاً (ما يسمى بفرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري)، يمكن أن تنتج حينها مشاكل خطيرة حتّى وإن كانت مستويات الدم من هرمون الغدة الدرقية طبيعية.

في دراسة سويسرية شملت 70،298 رجلاً وامرأة ، من بين 2،219 الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية دون السريري، كان خطر الكسور - وخاصة كسور الورك - مرتفعاً بشكل ملحوظ.


وبالمثل، فإن قصور الغدة الدرقية دون السريري (مستويات طبيعية من هرمون الغدة الدرقية ولكن الكثير من الهرمونات المحفزة للغدة الدرقية) قد يزيد من خطر الإصابة بمشاكل في القلب، خاصة لدى البالغين الشباب ومتوسطي الأعمار. ويكمن علاج هذه الحالة بعقار الليفوثيروكسين الذي قد يقلل من هذا الخطر، وفقا لدراسة بريطانية.


وعلى الرغم من أن فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية التابعة للولايات المتحدة لم تجد حتى الآن أدلة كافية لتوصية الفحص الروتيني الدرقي للأشخاص الذين ليس لديهم أعراض واضحة، فإن الرابطة الأمريكية لأخصائيي الغدد الصماء السريرية تعتقد أن مستويات الغدة الدرقية يجب أن تقاس بشكل روتيني لدى كبار السن، وخاصة النساء. وتوصي جمعية الغدة الدرقية الأمريكية فحص البالغين لهرمون TSH ابتداء من سن 35 وتكرار الاختبار كل خمس سنوات. ويعتقد الخبراء أن ما بين 40 فى المائة و 60 فى المائة من المصابين بأمراض الغدة الدرقية لا يعرفون أن لديهم هذا المرض. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التشخيص السليم والعلاج البسيط نسبياً لمستويات الغدة الدرقية غير الطبيعية إلى تحسن كبير في نوعية الحياة.


وُجدَ أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات منخفضة من هرمون الغدة الدرقية يمكن أن يعالجوا بسهولة بحبوب الليفوثيروكسين (غالباً ما يكون اسمها التجاري سينثرويد و ليفوكسيل)، بدءاً من جرعة منخفضة ثم زيادة الكمية تدريجياً (أو تناقصها) حسب التشخيص الدقيق. وغالباً ما يُلاحظ المرضى تقلّصاً في الأعراض بعد حوالي أسبوعين من العلاج بالهرمونات. ومع ذلك، فإن تشخيص قصور الغدة الدرقية دون السريري يمكن أن يكون صعباً. وقد لاحظ الدكتور روبن بيترز من مركز إيراسموس الطبي في هولندا مؤخراً - كما ذُكر في مجلة نيو إنجلاند للطب- أن حوالي 75 في المئة من المرضى الذين يعانون من هذه الحالة، تشير نتائج فحوصاتهم إلى فشل في الغدة الدرقية فقط، وهو ما قد لا يعتبره الأطباء خطيراً.

وفي الواقع، وجدت دراسة حديثة شملت 700 من البالغين الذين تتراوح أعمارهم من 65 سنة وأكثر والذين يعانون من قصور في الغدة الدرقية دون السريري، أنهُ لا يوجد أي فائدة من علاج هرمون الغدة الدرقية.
وينبغي على المرضى مناقشة أي آثار جانبية للعلاج التي قد تتطور مع الطبيب الواصف للعلاج، لأنها قد تشير إلى جرعة غير لائقة. لاحظ أيضاً أن الاستخدام المنتظم لمضادات الحموضة يمكن أن يتداخل مع امتصاص الجسم لأدوية الغدة الدرقية، ولمنع تأثير مماثل من مكمّلات الكالسيوم ينبغي أن تؤخذ في وقت مُنفصل من اليوم.
وإذا كان الجسم يفرط في إنتاج هرمون الغدة الدرقية، الذي قد تكون ناجماً عن نمو غير طبيعي يسمى عقد الغدة الدرقية، فإن الأدوية المضادة للغدة الدرقية مثل ميثيمازول (تابازول) يمكن أن تمنع ذلك الإنتاج الزائد. إضافة لليود المشع، حيث يؤخذ عن طريق الفم كسائل أو كبسولة، ويمكن أن يستخدم لتدمير خلايا الغدة الدرقية. وإذا -كنتيجة للعلاج- توقفت الغدة عن العمل، يصبح حينها العلاج بالهرمونات الاصطناعية ضروريّاً على مدى الحياة.

هذا التدوينة عبارة عن مقال مُترجم للإفادة ولإثراء المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت  

المصدر:

https://www.nytimes.com/2017/07/24/well/live/the-subtle-signs-of-a-thyroid-disorder.html?mabReward=ART_TS2&recp=0&moduleDetail=recommendations-0&action=click&contentCollection=Fashion%20%26%20Style&region=Footer&module=WhatsNext&version=WhatsNext&contentID=WhatsNext&src=recg&pgtype=article


لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

أرشيف المدوّنة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.