لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت لا تريد أن تفكر في العمل قبل الثامنة صباحاً أو بعد الخامسة مساءً. فببساطة لا يوجد ما يكفي من الأشخاص للقيام بكل ما يلزم القيام به لتحقيق الأهداف المكافِحة، وبالتّالي فإن عبء العمل الثقيل أمرٌ لا مفر منه. الأمر لا يتعلّق فقط بقضاء وقت متأخر من الليل في المكتب - بل حتّى إرسال الرسائل الإلكترونية خلال ساعات الفرح، والتشتّت بقائمةٍ لا نهائية من قوائم العمل حتى في الطريق وقبل النوم.
لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت تبحث عن وسيلة سريعة لكسب المال. صحيح أنه قد تمّ سحق ألف مليونير في يوم اكتتاب الفيسبوك ولكن دعونا نواجه الحقيقة، قد لا تكون أمورك مماثلة لشركة الفيسبوك؟!. ليس فقط لأن معظم الشركات الناشئة تفشل، ولكن حتى تلك "الناجحة" لا ينهمر عليها المال بقدر ما تكسب شركة الفيسبوك أو بحجم ما تملك جوجل. معظم الشركات الناشئة تدفع رواتب أقل مما تدفعهُ الشركات التكنولوجيّة العملاقة، والتنازل عن ميزة من أجل الحصول على أخرى هو القيمة المحتملة لخيارات أسهمك. والتي قد تكون في النهاية لا تُساوي شيئاً، ويجب أن تعرف هذا قبل أن تتخذ قرار المضاربة.
لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت ترغب في الحفاظ على الأمور الشخصية والأمور المهنية منفصلين تماماً. يمكنك الابتعاد عن ذلك في الشّركات العادية بحيث تبقى مهنيّا حازماً. لكن في الشركات الناشئة، فريقك هم من تقضي معهم معظم ساعات عملك. ليس ذلك فحسب، هم من يجعلونك تضحك ويرونَك تبكي، وهم من يدفعونك ويشجعونك حين تقابلُ تحدٍ تظنّ أنّك عنده وصلت حدودك. هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد زملاء عمل؛ إنهم أصدقائك، وربّما بعضهم قد يكون لك حياة.
لا تعمل في مشروع ناشئ للهروب من وظيفة مُخيفة أو غير مرضية. اسأل نفسك إذا كنت مستعداً حقاً للساعات الطويلة والمكثّفة، وهل ستجد نفسك مُهتمّاً بالعمل؟ عندما تشعر أنك عالق في مكان عمل غير ملهم، سيبدو العشب على الجانب الآخر أكثَر اخضراراً . ولكن في الواقع، المشاريع الناشئة = "العمل الجاد".
لا تعمل من مشروع ناشئ إذا كنت فقط تريد أن تكون جزءاً من "الشيء الكبير المقبل". بناء الأعمال التجارية الجيدة يستغرق سنوات عديدة. وراء كل شركة عملاقة سنوات عديدة من الكدح والطّحن على الموظفين الذين لم يُعرفوا والذين لم يحصلوا على ما يكفي من السّمعة والمال. وقد اعتُبرت بعض الشركات الأكثر نجاحاً غير ملفتة وغير واقعية عندما بدأت لأول مرة. ولكن في النهاية، تفوّقت على أولئك الذين كانت لديهم نماذج أعمال تُرى لامعة وعصرية في ذلك الوقت.
لا تعمل في مشروع ناشئ إذا وجدت الغموض المستمر مقلقاً. ابتداءً من التفاعلات اليوميّة، وصولاً لعدم معرفة ما إذا كانت الشركة ستظلّ موجودة بعد ستة أشهر من الآن أم لا، حيث الشعور بعدم الاستقرار لا يغادرك. تخيل أنك سألت رئيسك سؤالاً، وبدلاً من الإجابة، يقول: "أنا لا أعرف، لما لا تبحث عن ذلك؟" بصراحة، كيف سيكون رد فعلك؟ إذا وجدت النقص الحاد في التوجيه شاقاً، قد يكون العمل في مشروع ناشئ حينها مهلكاً لك. هناك مقولة لكنّها صحيحة تقول: في المشاريع الناشئة، الشيء الوحيد الثابت هو التغيير.
لا تعمل في مشروع ناشئ إذا كنت تسعى للحصول على مسمّى وظيفي برّاق، أو مكتب مميّز، أو أي علامة أخرى من علامات القيادة التقليدية التي علمنا آباؤنا أنّ لها قيمة. في حياة المشاريع الناشئة يتطلب العمل ضبط النفس للتغلّب على الضوضاء والتركيز على المكاسب طويلة الأجل. عدد قليل جداً منا قد يكون "مارك زوكربيرج" المقبل. كما أن الكثير قد يتخوّف من مسار حياتهِ المهنية خاصة وهو مُحاط بمؤسسين لم يتجاوزوا 24 عاماً إلا أنّ الشعور بالأمان من خلال معرفة أنّك تقوم بتأثير وأنّك تنمّي مهاراتك هو ما يجعلك ناجحاً - وليس كما يقول أولئك المعجبون بما تحملهُ باقة عملك-.
بدلا من ذلك، اعمل في مشروعٍ ناشئي لأنه من المحتمل أن يكون الوقت الأكثر ازدهاراً في حياتك المهنيّة. مع الأخذ بالأسباب الصحيحة والمواءمة، قد تكون حقاً تجربة لتحديد مسارك المهني. سنة واحدة في مشروع ناشئ قوي، قد يوفر تجارباً وتعلّماً يُعادل فترة أطول بكثير من العمل في أي شركة.
نحن نجعل من مكاتب الملكية الفكرية مثاليّة، ونحن من يمجّد آخر عمليّة استحواذ على الملايين، ولكن من المفارقات، أن أفضل الشركات هي التي تم بناؤها بشكل كبير من قبل فرقٍ بذلوا جهوداً، لأنهم يسعون تجاه مهمّة، لا لأنّهم كانوا يطاردون المجد.
حتى الشركات الناشئة التي أغلقت في نهاية المطاف، قد توفّر للموظفين مستويات لا مثيل لها من النمو، وفرص القيادة، والآفاق الوسعة. وسواء حصل المستثمرون في النهاية على مخرج حلوٍ أم لا، سوف تكسب بعضاً من أكثر السنوات الخالدة التي لا تُنسى في حياتك!
اعمل في مشروعٍ ناشئ لأنك سوف تخطو بعيداً بالخبرة والثقة لتقوم بشيءٍ أكبر وأفضل. ولا أستطيع أن أتخيل شيئا أكثر قيمة من ذلك يمكنك أن تكسبهُ من عملك.
لا يوجد تعليقات
أضف تعليق